27/03/2012 – بانوراما التأمين
احتدمت المنافسة في سوق التأمين المصرية، بعدما شهدت الأيام الماضية تحركات من جانب ثلاث مجموعات استثمارية كبرى لإنشاء شركات تأمين تابعه لها.
هذه المجموعات هي “القلعة” و”الخرافي” الكويتية و”أوراسكوم القابضة للفنادق” حيث أعلنت مجموعة “القلعة” عن تقدمها بطلب تأسيس شركة جديدة تابعة لها تعمل في مجال “وساطة التأمين” استنادا الى توقعات نمو قوية سوف يشهدها هذا المجال الى جانب رغبة المجموعة في منح عقود التأمين الخاصة بأنشطة الشركات التابعة لها والصناديق القطاعية المملوكة كليا أو جزئيا لها وعددها 13 صندوقا قطاعيا يبلغ اجمالي استثماراتها 8 مليارات دولار الى الشركة الجديدة المزمع تأسيسها برأسمال 20 مليون جنيه.
ومن المنتظر أن تدخل هذه الشركة السوق فعليا خلال الربع الأخير من العام الجاري على أن تبني خطتها الاستثمارية على أساس الحصول على عقود المجموعة الأم، والتنافس أيضا للحصول على أعمال من شركات أخرى.
وتنطبق هذه الرؤية الاستثمارية أيضا على مجموعتي “الخرافي” و”اوراسكوم” حيث حصلت الخرافي على ترخيص لمزاولة نشاط التأمين عبر شركة تابعة لها تحمل اسم “ايماك للوساطة التأمينية” بينما تتفاوض مجموعة أوراسكوم مع عدد من خبراء سوق التأمين لتأسيس شركة تابعة في هذا المجال حيث تخطط أوراسكوم للاحتفاظ بحصة حاكمة في رأسمال الشركة الجديدة على أن تترك نسبة تتراوح بين 30 و35% لمساهمين آخرين من بينهم فريق الادارة الفني الذي سيتولى مهام تشغيل الشركة الجديدة .
وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فان الشركات الثلاث سوف تدخل تباعا السوق المصرية خلال العام الجاري، وفقا لخطط المؤسسين. وتستهدف حجم أقساط في حدود مليار جنيه خلال العام الأول وتتخصص جميعها في أنشطة وساطة تأمينات الحياة وهو النشاط الذي شهد خلال السنوات الأخيرة نموا هائلا بسبب التوسع في نظم فرض وثائق تأمين على كافة العملاء الراغبين في الحصول على قروض شخصية من البنوك أو عملاء التمويل العقاري وعددهم عدة ملايين مما يتيح مساحة كبيرة من المنافسة بين الشركات مقدمة الخدمة.
وحسب هذه المعلومات أيضا فان دخول المجموعات الاستثمارية الثلاث الكبرى هذا المجال في توقيت واحد يبرهن على ارتفاع جاذبية سوق التأمين في السوق المصرية رغم خطوة التصفية والانسحاب المفاجئة التي قامت بها بعض الشركات الأخرى.
تأمينات الحياة
وتتوقع دراسات تأمينية محايدة أن تشهد سوق تأمينات الحياة في مصر نموا هائلا خلال السنوات العشر المقبلة ليصل متوسط حجم الأقساط السنوية في هذا المجال إلى 15 مليار جنيه بفضل النمو المتوقع في خدمات القروض الصغيرة. وتشترط الشركات والبنوك العاملة فيها تقديم المقترض وثيقة تأمين على الحياة وأخرى لضمان سداد أصل القرض، وكذلك خدمات التمويل العقاري والتأجير التمويلي وغيرها من الخدمات المالية التي تمضي قدما نحو الاندماج مع خدمات التأمين لتشكل معا حزمة متكاملة يحصل عليها العميل من جهتين متحالفتين الأولى هي الجهة الممولة، والثانية الجهة التي تتولى تأمين هذا التمويل وضمان سداد أقساطه.
وتشير الدراسات الى أن الطفرة الاقتصادية المتوقع أن تشهدها السوق المصرية بعد إتمام عملية التحول الديموقراطي وبدء عودة الاستثمارات الأجنبية وتحسن دخول العديد من الفئات الاجتماعية، من شأنها أن تضاعف من حجم سوق التأمين عدة مرات نظرا للطلب الشديد الكامن حاليا في السوق سواء على خدمات الاسكان أو القروض الشخصية أو الخدمات الصحية وغيرها المرتبطة بضرورة تمتع الراغب في الحصول عليها بنوع من الحماية التأمينية التي تضمن انتظام سداد الأقساط وحماية أموال الجهات المقرضة.
ويؤكد خبراء التأمين أن دخول هذه المجموعات الاستثمارية الكبرى من شأنه أن يؤدي الى اعادة رسم خريطة السوق على أسس جديدة، وكذلك تعديل استراتيجيات الاستثمار لدى الشركات القائمة مما يعني توزيع مراكز الثقل والقوة الاستثمارية في سوق التأمين بين لاعبين جدد وقدامى.
ويشير الخبراء الى أن الخسائر التي تعرضت لها معظم شركات التأمين المصرية في أعقاب ثورة 25 يناير بسبب التعويضات الهائلة التي اضطرت لسدادها وقيام شركات اعادة التأمين العالمية برفع أسعارها للعقود المصرية نظرا لارتفاع مخاطر السوق المحلية لأسباب متنوعة في مقدمتها أعمال الشغب والاضطرابات والانفلات الأمني، أدت جميعها الى تعرض السوق لانتكاسة مالية. وتجاوزت التعويضات التي جرى سدادها نحو المليار ونصف المليار جنيه وفي نفس الوقت فان عددا كبيرا من العملاء توقف عن سداد الأقساط بسبب اضطراب أوضاع الشركات وتدهور الاقتصاد العام وبعض الشركات ألغى عقود التأمين الخاصة بها مما صنع محنة قاسية لاتزال شركات التأمين تدفع فاتورتها حتى الآن ومن ثم فان دخول هذه الشركات الثلاث ومن ورائها مجموعات استثمارية ضخمة يعيد الثقة تدريجيا بالسوق ويسهم في اعادة التوازن المفقود.
ومن المرجح أن يصاحب دخول هذه الشركات طرح منتجات تأمينية جديدة واقتحام مجالات استثمارية غير تقليدية لتحقيق عائد جيد على المحفظة حيث إن هذه الشركات سوف تعتمد، حسبما هو واضح من خطط المؤسسين، على التأمين الجماعي سواء لعملاء التمويل العقاري أو القروض الشخصية وغيرهم وهو نوع من النشاط الذي يعتمد على التعريفة المخفضة مع مجموعات كبيرة من العملاء وهو نوع من النشاط في حاجة الى مزيد من النضج لأنه يمثل المستقبل الحقيقي لسوق التأمين في مصر لأن تأمينات الحياة في كل أسواق العالم تتفوق على تأمينات الممتلكات وهذا هو المأمول من دخول الشركات الجديدة في هذا التوقيت.
سداد التعويضات
وقال عبدالرؤوف قطب رئيس الاتحاد المصري للتأمين إن سوق التأمين المصرية مرت بتجربة قاسية بعد ثورة يناير لاضطرار الشركات لسداد تعويضات كبيرة التهمت معظم أرباحها وبالتالي فان السوق في حاجة شديدة لاعادة ترتيب أوضاعها. وأضاف “يأتي دخول الشركات الجديدة ليسهم في تحفيز الشركات القائمة على زيادة قدراتها التنافسية، لأن الشركات الجديدة سوف تسعى للحصول على جزء من السوق ويصب كل ذلك في مصلحة العملاء”.
وشدد على ضرورة تعزيز مجال تأمينات الحياه في السوق المصرية، مضيفا أن حصة هذا القطاع لاتزال ضئيلة مقارنة بالعديد من الأسواق الأخرى المشابهة في ظروفها لظروف السوق المصرية.
وزاد” لابد من مساعدة الشركات على طرح منتجات تنافسية في هذا المجال والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة وأساليب التسويق العصرية، لرفع مستوى الوعي لدى المجتمع بأهمية التأمين في دعم النشاط الاقتصادي بصفة عامة”.
ومن جهته، أكد أحمد عارفين العضو المنتدب لإحدى شركات التأمين أن الترخيص لشركات جديدة لتقديم خدمات التأمين في السوق المصرية لايزال ضعيفا، ودخول لاعبين جدد الى السوق يعني تحقيق خطوات للأمام في هذا المجال.
خطوة للأمام
وأوضح أن هذه الشركات الجديدة سوف تسعى للوصول الى عملاء جدد وليس الصراع على العملاء القائمين بالفعل لتخطفهم من الشركات الأخرى، وبالتالي فان البقاء سيكون في النهاية لمن يقدم خدمة أفضل بتكلفة أقل.
وأشار الى أن مستقبل سوق التأمين في مصر لايزال مبشرا نظرا لضخامة عدد السكان والفورة المرتقبة للأنشطة الاقتصادية المختلفة في المرحلة القادمة ومن ثم فان دخول هذه الشركات في هذا التوقيت يمثل اضافة ايجابية للسوق سوف تسهم في تعزيز كفاءة السوق وزيادة حدة المنافسة بين الشركات.