07-11-2018 – بانوراما التأمين

إننا في الوقت الذي نستهجن فيه ونستغرب قيام كاتب اقتصادي مخضرم بوزن الصحفي السيد عصام قضماني كتابة مقال عن شركات التأمين بهذا الشكل الذي يفتقد الى الحد الادنى للموضوعية والمهنية والمعلومة الصحيحة والذي تم نشره في صحيفة الرأي على الصفحة الأخيرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 6/11/2018 بعنوان:" شركات التامين… الرابح الاكبر!" لما يحويه هذا المقال من مغالطات لأبجديات صناعة التأمين ليس في الأردن فحسب، ولكن في العالم أجمع والتي كنا نعتقد أن كاتب كبير بوزن وحجم وخبرة السيد عصام قضماني، حيث كنا نعتقد أن السيد قضماني ملم بأبسط هذه الأبجديات .

وفي هذا السياق، أرجو أن نبين أهم المغالطات التي ذكرها السيد عصام قضماني في مقاله بإستثناء معلومة واحدة صحيحة تعكس واقع القطاع ألا وهي دعوة الكاتب لتعويم أسعار التأمين الإلزامي والتي جاءت في نهاية المقال، كونها تتماشى مع طروحات السوق الحر المفتوح والذي يحتكم لسياسة العرض والطلب والمنافسة وهي من البديهيات في جميع أسواق رأس المال المعمول بها عالميا، وفيما يلي أهم المغالطات المذكورة في المقال:-

1. إن السيد عصام قضماني يعلم أن شركات التأمين قد سعت ومنذ عام 1985 إلى زيادة سقوف تعويضات الوفاة منذ نشأة نظام التأمين الإلزامي حيث كان تعويض الوفاة 3500 دينار ثم ارتفع ليصبح 5000 دينار ثم ارتفع مرة اخرى الى 7500 دينار ثم الى 8500 دينار ولاحقا الى 12,000 دينار ليصبح مؤخراً 20,000 دينار، وهو مسؤولية شركة التأمين عن هذا التعويض وليس قيمة التعويض الذي يستحقه ورثة المتضرر/ المتوفى.

2. كذلك فإن السيد عصام يعلم أن تعويض الوفاة يعتمد على المركز المالي والاجتماعي للمتوفى وهو يختلف من شخص إلى آخر حسب دخله الشهري ومركزه الاجتماعي مع كل الإحترام والتقدير لجميع الأشخاص.

إن شركات التأمين التزمت بالحد الأدنى للتعويض بالقسط المحدد من الدولة وعلى أن يلتزم المتسبب بالحادث بما يزيد عن هذا المبلغ حسب التعويض الذي تقرره المحكمة بناء على المركز المالي والإجتماعي للمتوفي، وكما هو معمول به في كل دول العالم ما لم يقم المؤمن له بشراء وثيقة تأمين اضافية تزيد عن حدود المسؤولية الإلزامية وذلك مقابل قسط اضافي يتفق عليه مع شركة تأمين، وكما هو معمول به حاليا في كبرى شركات النقل في الأردن.

3. إن خروج بعض شركات التأمين من اكتتاب المركبات بشكل عام والإلزامي بشكل خاص يعود للخسائر الفادحة لشركات التأمين في هذا الفرع وكما هو معلوم للسيد عصام، حيث سبق تزويده بالاحصائيات في أكثر من مناسبة والتي وصلت لأكثر من 250 مليون دينار خلال فترة الـ 17 سنة الماضية وهو السبب الرئيسي والاساسي لخروج هذه الشركات من الاكتتاب في هذا الفرع واسقاطها اختياريا لإجازة المركبات بشكل كامل.

4.أما فيما يتعلق بشركة النقل التي اشار اليها في مقاله، وحتى لا نكرر ما ذكر أعلاه، فأن سبب افلاس هذه الشركة يعود لعدم قيامها بشراء وثيقة تأمين تغطي ما يزيد عن الحد الأدنى للمسؤولية القانونية بموجب نظام التأمين الإلزامي وكما هو معمول به من شركات النقل الأخرى علماً بأنه في الفترة الأخيرة قد وقع حوادث عديدة لشركات نقل نجم عنها وفيات عديدة وإصابات كثيرة تم تغطيتها ودفع تعويضاتها بشكل مناسب من قبل شركات التأمين المؤمنة لهذه الشركات وذلك بالإستناد إلى وثائق التأمين الاختيارية الأخرى التي حصلت عليها لتغطية مثل هذا النوع من التأمين ودون أن تتأثر المراكز المالية لشركات النقل هذه.

5.إن قسط التأمين هو بدل لخدمة تقدمها شركات التأمين مبنية على حدود تعويض مرتبطة بهذا القسط فكلما ارتفعت حدود المسؤولية ارتفع القسط فهل يتعتقد الكاتب المحترم أن أي شركة تأمين بالعالم سوف تقوم بتقديم حدود مسؤولية مفتوحة مقابل قسط 72 دينار للسيارة الخصوصي كما هو مسعر من قبل الدولة وتعمل به شركات التامين المحلية؟ وهل يعلم أيضا الكاتب المحترم أن الدراسة الاكتوارية التي أجرتها إدارة التامين قبل عدة سنوات تشير الى ضرورة رفع اقساط التامين الالزامي للمركبات بنسبة 40% على حدود المسؤوليات الحالية، فإذا كان لا يعلم فعليه مراجعة إدارة التأمين لتبيان الحقيقة والتحري أن شركات التامين تدعم كل مواطن يملك مركبة بمبلغ يقارب 40-50 دينار وهذا هو السبب الرئيسي للخسائر التي تتكبدها شركات التأمين مع ملاحظة أن دعم المواطنين ليس مسؤولية قطاع التأمين بل مسؤولية الدولة.

6.إن التأمين الشامل هو تأمين اختياري وليس إلزامي كما ذكر السيد عصام وهذه معلومه نعتقد جازمين أن عامة الشعب على علم ودراية تامة بها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هناك نوع آخر من التأمين وهو التأمين الإلزامي والذي له من اسمه نصيب وهو الجزء المطلوب لغايات استكمال ترخيص المركبات او تسجيلها كمتطلب لقانون السير الساري المفعول.

7.إن آلية العمل بين شركات التأمين وإعادة التأمين معروفة لجميع الأشخاص الملمين بصناعة التأمين والقطاعات الإقتصادية الكبرى، حيث أن شركات إعادة التأمين هي شركات عالمية ومتواجدة في جميع دول العالم، ولا يوجد أي شركات تأمين في العالم مهما كان حجمها لا تقوم بإعادة التأمين، استناداً الى أن صناعة التأمين تقوم على توزيع وتفتيت الخطر لدى شركات إعادة التأمين، مقابل أقساط تدفعها شركة التأمين لشركة الإعادة وهي تكون مسجلة ومدرجة في ميزانياتها حسب الأصول، ولا يوجد في هذه العلاقة أية أسرار غير معروفة كما ذكر الكاتب المخضرم، حيث أن جميع العلاقات بين شركات التأمين وإعادة التأمين تصاغ بموجب إتفاقيات دولية، ويتم تزويد إدارة التأمين في وزارة الصناعة والتجارة والتموين بهذه الاتفاقيات والتي تعتبر شرط أساسي من شروط الحصول على الترخيص السنوي لشركات التأمين من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين/ إدارة التأمين والتي كانت في السابق هيئة التأمين، ويمكن للكاتب في حال رغب بالإطلاع عليها مخاطبة إدارة التأمين والطلب منها الاطلاع على هذه الاتفاقيات كافة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التأمين الالزامي في الأردن يتم تغطيته بشكل كامل من شركات التأمين نظراً لعزوف جميع شركات إعادة التأمين العالمية من إعادة تأمين هذا النوع من التأمينات على أساس المشاركة بالخطر بل يتم على اساس تعويض شركة التأمين في حال زادت قيمة الخسارة عن مبلغ معين نظراً للخسائر الفادحة التي يحظى بها هذا الفرع، ذلك أن شركات إعادة التأمين هي شركات ربحية تسعى بالنتيجة الى الحصول على الأرباح من خلال أي نشاط تأميني تقوم به عبر عمليات إعادة التأمين.

8.كنا نعتقد أن الكاتب يعلم أن قطاع التأمين في الأردن وبالعالم هو مثله مثل أي قطاع آخر بتفاوت درجات قوته ومتانته ولا يفترض بأن تكون القطاعات كلها متساوية وهذا حال كافة القطاعات الخدمية في الأردن وبغيرها من الدول .

9.لا نعلم كيف ينادي السيد عصام بأن يكون التأمين الالزامي للمركبات اختياريا ذلك أن اختيارية التأمين تعني بالنتيجة عزوف العدد الاكبر من المواطنين عن شراء هذا النوع من التأمين نظرا للأوضاع الإقتصادية السيئة التي يمر بها المواطن، الأمر الذي سوف يؤدي بالنتيجة الى عدم وجود جهة مليئة ماليا تتولى دفع هذه التعويضات للمتضررين وما سوف يلحقه ذلك من مشاكل جسيمة اجتماعية ومالية بين المواطنين وسوف تؤدي هذه المشاكل الى اضطرابات اجتماعية يفترض ان الكاتب الكبير يعلمها بالكامل.

ختاماً، نتمنى على الكاتب الكريم في المرات القادمة أن يقوم وقبل كتابة أي مقال يتعلق بقطاع التأمين أو أي قطاع آخر أن يقوم بإجراء دراسة معمقة عن الموضوع الذي يقوم بتغطيته حتى لا يقوم بتضليل القارئ بمعلومات منقوصة أو مغلوطة لأن ذلك سوف يؤدي الى تشويش المواطنين وأن لا يستخدم قلمه وجريدة واسعة الانتشار مثل جريدة الرأي الغراء بالإساءة والتشكيك وكيل الاتهامات الباطلة لقطاع حيوي واستثماري مهم كقطاع التأمين الأردني المعروف بمهنيته وخبرات القائمين عليه الذين كانوا ولا زالوا هدفا لإستقطابهم من كافة الأسواق العربية وكما يقال باللغة العامية من أفتى بغير علم فقد كفر، وخطر الفتوى بغير علم لا يقتصر على صاحبه بل ربما يتعداه إلى المجتمع فيفسده ويضله عن دين الله تعالى، وهنا يكون الخطر أعظم والإثم أكبر لأن المعصية المتعدية أعظم من المعصية القاصرة.
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

وإننا في الاتحاد الاردني لشركات التأمين نحتفظ بحقنا بالرجوع على أي شخص يتسبب بالاساءة لقطاع التامين في الاردن ويتهمه بإتهامات زائفة وغير صحيحة كما ورد على لسان الكاتب فيما يتعلق باتفاقيات إعادة التأمين على سبيل المثال لا الحصر.
الاتحاد الأردني لشركات التامين