30-12-12014 – بانوراما التأمين
تشير تصريحات المسؤولين في مجالات الصحة والتأمين الصحي الى وجود توجه حكومي لإقرار قانون يخص التأمين الصحي الشامل والذي يسعى الى إدراج كافة الأردنيين ممن يحملون الأرقام الوطنية تحت مظلة التأمين الصحي، فما هي حقيقة هذا التأمين؟؟ وهل يصب في صالح المواطن؟؟ وما هي التبعات التي تترتب على هذا التأمين؟؟
حسب الأرقام الرسمية الصادرة فإن أكثر من 87% من الأردنيين مشملون بالتأمين الصحي بشكل أو بآخر، وحوالي 9% يتمتعون بأكثر من تأمين صحي في نفس الوقت وبالتالي فإن حوالي 13% من الأردنيين خارج مظلات التأمين الصحي المختلفة.
وإذا نظرنا الى فئات المجتمع الأردني كل واحدة على حدة وجدنا أرقام كبيرة ويترتب عليها تبعات خطيرة؛ فعلى سبيل المثال فئات الأطفال الذين هم دون السادسة والذين يشكلون نسبة كبيرة من أبناء المجتمع الأردني يتمتعون بتأمين صحي مجاني في الفترة الحالية، وطلبة الجامعات الحكومية لديهم تأمين صحي مقابل دفع مبالغ زهيدة وقليلة، والكثير من الموظفين الحكوميين لديهم التأمين الصحي الجكومي المجاني، وتلجأ غالبية الشركات الخاصة الى تأمين منتسبيها لدى شركات التأمين المختلفة.
ماذا سيحدث الى هذه الفئات حسب قانون التأمين الصحي الشامل؟؟ في الحقيقة هنالك ترتيبات لفرض رسوم تصاعدية على جميع الفئات العمرية الخاضعة للتأمين الصحي الشامل الجديد، وتبدأ هذه الرسوم من 50 ديناراً لمن تقع أعمارهم ما بين 6 الى 19 عاماً، الى 75 ديناراً لمن هم ما بين 20 الى 45 عاماً وكذلك ب115 ديناراً لمن هم بين 45 و 60 عاماً، وتنتهي ب 72 ديناراً لمن هم فوق 60 عاماً بعد تقديم الحكومة دعماً مقداه 78 ديناراً لهذه الفئة.
وتأتي هذه الرسوم في سبيل لتغطية تكاليف هذا التأمين الشامل المزعوم، حيث تبلغ تكلفة التأمين الصحي في الوقت الحالي حوالي 150 مليون دينار أردني سنوياً، يضاف اليها حوالي 160 مليون دينار أردني تقدم كإعفاءات طبية من الديوان الملكي العامر أي حوالي 300 مليون دينار أردني كتكلفة كلية لتغطية ما نسبته 87% من الأردنيين بالتأمين الصحي في الوقت الحاضر.
ومن خلال الأرقام التي تم بيانها نتوقع أن تكون تكلفة النسبة المتبقية من الأردنيين وهي 13% لتأمينهم صحياً حوالي 45 مليون دينار أردني، لتصبح تكلفة التأمين الصحي الشامل لجميع أبناء الوطن حوالي 350 مليون دينار أردني.
وإذا كان متوسط الإشتركات السنوية المنوي فرضها على المواطن الأردني لشمولهم بالتامين الصحي حوالي 78 دينار أردني وقدرنا عدد الأردنيين في الوقت الحاضر ب7 مليون أردني فإن عائد هذه الإشتركات سيقدر بحوالي 468 مليون دينار أردني بعد إستثناء مليون طفل لمن هم دون السادسة من العمر لحصولهم على التأمين المجاني، أي ما يفوق التكلفة الحقيقية للتأمين الصحي الشامل، والسؤال الآن: أين سيذهب المال الإضافي (حوالي 100 مليون دينار أردني)؟؟؟.
إن السبب الحقيقي برأيي للإقرار هذه الخطوة هي الإقدام على فتح أبواب المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية أمام اللاجئين على إختلاف جنسياتهم، وكخطوة أولى وجب على الحكومة تأمين المواطنين الأردنيين مقابل إشتراكات سنوية ثم الإقدام على خدمة اللاجئين مجاناً.
لنضع التكاليف المادية جانباً ونتحدث عن إمكانيات الحكومة في مجالات الصحة، فيوجد في الأردن حوالي 109 مستشفيات بقطاعيها العام والخاص أي بمعدل مستشفى واحد لكل 65 الف مواطن أردني، وإذا كان لدينا 680 مركز صحي منتشرة في مختلف مناطق المملكة أي بمعدل مركز صحي واحد لكل 10300 مواطن أردني، فهل ستكون هذه المرافق جاهزة لإستقبال هذه الأعداد الضخمة؟؟ وكيف سيكون حالنا إذا ما تم إلحاق اللاجئين بالتأمين الصحي ليزاحمون الأردنيين على أسرة المستشفيات ومقاعد المراكز الصحية.
بالإضافة الى كل هذه الملاحظات، هنالك العديد من المستشفيات الحكومية غير جاهزة لإستقبال المرضى وبيئتها غير ملائمة صحياً وتنتشر بها الحشرات والقوارض، بالإضافة الى نقص الأسرة والأدوية بل حتى إن بعض المستشفيات تخلو من الوسائد والبطانيات.
إن الحديث عن التأمين الصحي الشامل بهذه الطريقة ما هو إلا إستخفاف بعقول الأردنيين وقدرنهم على إستيعاب الأمور، وتدمير لجيوبهم الخاوية أصلاً.