12-03-2015 – بانوراما التأمين

برز قطاع التأمين في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي كقوة مالية دافعة لقطاعات عديدة، لارتباطه الوثيق بقطاع الشركات التجارية والصناعية والمالية والخدمية، وأخذ دوراً لا يستهان به في القوة الإنتاجية لدول التعاون.
ورغم الصعوبات التي تواجه القطاع، من تشريعات وإجراءات وزيادة سكانية وتعدد شركات ونمو إنشائي، إلا أنه مطالب في ظل التقلبات السوقية بتحسين أدائه، ورفع كفاءة كوادره، وتطوير أنظمة العمل التي يعمل بها مما يساعد في خلق مناخ جيد لتطور التأمين.
وقد نما القطاع نمواً ملحوظاً مدفوعاً بالتطورات الاقتصادية التي تعيشها المنطقة، والتوسع الإنشائي والسكاني، وتحسين البيئة التنظيمية، وزيادة وعي الجمهور بأهمية التأمين.
إزاء هذا النمو فإنّ قطاع التأمين لا يزال مقتصراً في مسارات محددة، هي الشركات التجارية والصناعية والإنشاءات، وقد طرق في السنوات الأخيرة باب التأمين الصحي والاجتماعي، إلا أنه يحتاج إلى تنويع مجالاته في المال والسياحة والمخاطر والبيئة مثلاً.
في منطقتنا تتطلب زيادة الشركات الوطنية، والكوادر المؤهلة للتوسع في الخليج، وبناء شراكات بين الشركات المحلية والعالمية، لاكتساب الخبرات والمعارف، ولتوسيع الأنشطة أيضاً.
يرتبط قطاع التأمين بالمراكز المالية في دول الخليج، مثل مركز دبي المالي العالمي، ومركز قطر للمال، ويعتبران ضمن منظومة مراكز عالمية، إلا أن التوسع السوقي الحالي يتطلب تنويع المراكز المالية الخليجية والعربية.
كما تتطلب من صناعة التأمين في وقتنا الراهن دراسة القضايا الملحة في مسيرة نموه، منها الاستثمار والتأمين الموحد وإدارة مخاطر التأمين والضوابط القانونية الجاذبة له وإيجاد مسارات جديدة للتأمين، كما ذكرت آنفاً في البيئة والسياحة والمال والتأمين الشخصي.
وتواجه القطاع تحديات عديدة، أهمها تقلبات السوق العالمية، وأزمة الديون المتراكمة لقارة أوروبا، والتوتر السائد في الشرق الأوسط، التي تنعكس بدون شك على مؤشرات نموه وتقيد تنويع مساراته.
أضف إلى ذلك مشكلات نقص الكفاءات الوطنية، وعدم قدرة الشركات على تحمل المخاطر، وزيادة النفقات، وغياب أنظمة منهجية لقطاع التأمين، وهناك عوامل أخرى مثل ارتفاع مستويات الدخول، وارتفاع أعداد العمالة.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن ينمو التأمين في دول التعاون ليصل إلى 28 مليار دولار بنهاية 2015، ويتوقع أيضاً أن يصل إلى 407 مليارات دولار بحلول 2017، وإزاء هذا البيان الإحصائي الضخم فإنّ دول المنطقة مطالبة بصياغة بنية تيسيرية لتشريعات التأمينات، بهدف العمل على زيادة شركات التأمين ومساعدتها على الوقوف في وجه التقلبات الدولية.
وأشير هنا إلى أنّ قطاع التأمين بدول الخليج نما بنسبة 18% في الأعوام 2006ـ2012، مقارنة بالنمو العالمي بنسبة 4.37% خلال نفس السنوات.
وبين التقرير السنوي لمؤشر التأمين في منطقة الشرق الأوسط أنّ قوة المنطقة في قدرتها على انتعاش مؤسساتها، وعدم تأثرها بالتقلبات الاقتصادية، وقوة الحكومات الخليجية في تحفيز مؤسساتها المالية ودعمها في وجه التذبذب المالي، ويعكس قدرة أسواق التأمين في الشرق الأوسط التي يبلغ حجم أعمالها 50 مليار دولار في أن يفوق المعدل العالمي، خاصة مع نمو مشاريع التشييد والبناء والبنية التحتية العملاقة وزيادة عدد السكان.
وسيتضاعف مع نمو التأمين الصحي الإلزامي، وبالتالي نمو خدمات التأمين الشخصية التي تعتبر مجالاً غير معهود عليه في المنطقة العربية، رغم نموه بشكل طفيف، بعكس نمو هذا النوع من التأمين في الغرب، ويتوقع تقرير خليجي أن يزداد حجم التأمين على الحياة بحلول 2017، فالفجوة بين التأمين على الحياة والتأمين على مجالات عديدة كبيرة جداً.
ويتوقع تقرير المركز المالي الكويتي أن تكون المشاريع الضخمة، وبناء محطات الطاقة، والتوسع في المدن الصناعية، فرصة مناسبة لنمو سوق التأمين، كما أشار إلى أنّ دول التعاون تسعى إلى تحسين قوانين التأمين لتتماشى مع السياسات العالمية، لأنّ عدم الاتفاق بين القوانين الخليجية يشكل عقبة في وجه شركات التأمين.
وفي دراسة خليجية أفادت أنّ عدد الشركات العاملة في قطاع التأمين الخليجي يقدر عددها بـ177 شركة حسب إحصائية 2000، وفي رأيي أنّ هذا العدد محدود جداً مقارنة بما وصلت إليه منطقة التعاون من نمو صناعي وتجاري واستثماري كبير.