14-09-2013 – بانوراما التأمين

القاهرة – عقب ثورة 30 يونيو، كشف «الإخوان» عن مخطط العنف ضد وطنهم ومجتمعهم، والذى تفاقمت وتصاعدت حدته عقب فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة»، حيث تم إحراق العديد من المبانى والمنشآت الحكومية والخاصة، وعشرات الكنائس والمساجد، والسيارات، والاستيلاء على المبالغ المالية من ماكينات ATM، وإحداث أضرار جسيمة فى الممتلكات الخاصة والعامة بالمليارات وخسائر فادحة فى أرواح ضباط وأفراد الشرطة والجيش، وحتى المواطنين العاديين!

المفاجأة أن الكثير من هذه الخسائر ترفض شركات التأمين تعويضها، لأنها ناجمة عن عنف سياسى، ومنها مثلا الخسائر التى أضير أصحابها بسبب تفجير سيارة مفخخة فى محاولة الاغتيال الآثمة للواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، لأن المضارين والضحايا لم يقوموا بعمل وثيقة التأمين المستحدثة «ضد مخاطر العنف السياسى» التى يطالب الخبراء بسرعة الأخذ بها فورا لحماية الممتلكات العامة والخاصة من مخاطر "العنف السياسى".

يقول عبد الرؤوف قطب ـ رئيس الاتحاد المصرى للتأمين: إن الأخطار التى يتعرض لها المجتمع المصرى الآن بسبب ممارسات «جماعة الإخوان» من قتل وإشعال حرائق، وتفجير سيارات مفخخة، تندرج تحت بند «الأخطار السياسية» وهى تختلف تماما عن طبيعة الأخطار التى وقعت عقب ثورة 25 يناير، التى كانت فى معظمها مظاهرات سلمية، لم ينجم عنها أى عنف سياسى أو جنائى مثلما يحدث الآن، لهذا قمنا عقب أحداث الاتحادية باستحداث وثيقة تأمين ضد «مخاطر العنف السياسى»، وفى إمكان أى مستثمر أو مالك منشأة أو مصنع أو حتى سيارة أن يحتاط لخطر العنف بسبب الاضطرابات السياسية، ويؤمن على ممتلكاته من خلال هذه الوثيقة، أو يقوم بعمل ملحق بوثيقة التأمين ضد العنف لوثيقة التأمين على السيارة.

وينبه عبد الرؤوف قطب أن معظم المنشآت الخاصة مؤمن عليها، لكن ليس لديها وثيقة تأمين ضد العنف السياسى، أما المفاجأة، فإنه مع الأسف ـ لا توجد أية منشأة عامة تملكها الدولة مؤمن عليها بوثيقة ضد مخاطر العنف السياسى.
ويذكر الدكتور عادل موسى رئيس شركة مصر للتأمين أن خبراء الشركة قاموا بمعاينة العديد من المبانى المضارة بسبب عنف وحرائق «الإخوان» مثل مبانى: وزارة المالية وطيبة مول والشركة الشرقية للدخان بجرجا، ومعرض «بى تك» بالجيزة، وقد أسفرت المعاينة عن استحقاق مبنى طيبة مول للتعويضات لأنه مغطى بوثيقة تأمين ضد «مخاطر العنف السياسى»، وكذلك الحال بالنسبة لمخازن الشركة الشرقية للدخان بجرجا، أما معرض «بى تك» فهو مغطى بوثيقة «شغب واضطرابات» فقط، وهى وثيقة لا تغطى العنف السياسى، لكنها تغطى الاضطرابات العمالية، وأيضا مبنى وزارة المالية مؤمن عليه بوثيقة «ضد الحرائق» وليس ضد «مخاطر العنف السياسى» والمبنيان ينتظران تقرير لجنة الخبراء.

ويشير موسى أن شركة مصر للتأمين هى «الوحيدة» فى مصر التى لديها اتفاقية لإعادة التأمين فى الخارج، ولهذا فأى عميل يطلب عمل وثيقة «مخاطر ضد العنف السياسى» تقبل بدون الرجوع إلى الشركات معيدة التأمين بالخارج.
أما الدكتور محمد يوسف ـ رئيس شركة مصر القابضة للتأمين ـ فيرى أن الأحداث المؤسفة التى شهدتها مصر بعد ثورة 30 يونيو، وفض اعتصامى رابعة والنهضة، هى أعمال ناجمة عن اضطرابات سياسية، أحدثها فصيل رافض للإرادة الشعبية، ومع الأسف فإن المنشآت العامة التى تم حرقها، كان بعضها مؤمنا عليه، والبعض الآخر غير مؤمن عليه، فمثلا وزارة المالية مؤمن عليها «تغطية للحريق»، لكن ليس مؤمنا عليها بوثيقة «مخاطر العنف السياسى»، أما مبنى مديرية أمن الجيزة فغير مؤمن عليه، وكذلك الحال بالنسبة للكنائس التى تم حرقها فى صعيد مصر، ومتحف ملوى بمحافظة المنيا، والذى تم حرقه وسرقته لم يكن مؤمنا عليه، بالنسبة لوسائل المواصلات المصرية العامة ليست مؤمنا عليها، الأمر الذى يحمل الموازنة العامة للدولة المزيد من العجز، حيث تمت تغطية تلك الخسائر الاقتصادية منها، وإن خفف العبء إعلان قيادة القوات المسلحة عن قيام الإدارة الهندسية بالجيش المصرى بإعادة بناء وترميم ما تم تدميره على أيدى «الإخوان» فى مسجد رابعة العدوية، وكذلك جميع الكنائس التى تم حرقها، وإعلان سمو الشيخ سلطان القاسمى أمير الشارقة بتحمل التكاليف الخاصة بإعادة بناء المبنى الذى حرقه الإخوان فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة، بعد فض اعتصام ميدان النهضة، وكان سموه قد تبرع بـ 15 مليون جنيه لمركز بحوث كلية الزراعة، والتى قد تخرج فيها.

ويتساءل د. محمد يوسف: لماذا لا يتم التأمين على كل المنشآت الحكومية بمبالغ زهيدة قياسا بما سيتم تحميله على الموازنة العامة، وتقوم شركات التأمين بتحمل تلك التكاليف؟ موضحا أن الدولة لم تتحمل فى أى مرة من المرات التى تم فيها تفجير خطوط أنابيب الغاز فى سيناء تكاليف الإصلاح، لأنها مؤمن عليها، وشركة مصر للتأمين هى التى تقوم بتحمل التكاليف.

وقد بلغت التعويضات التى تحملتها شركات التأمين مليارى جنيه وتسعة وتسعين مليون جنيه مصرى منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى قبل ثورة 30 يونيو، وفى قطاع تأمين السيارات فقط تتحمل شركات التأمين ما لا يقل عن 100 مليون جنيه شهريا.
ويوضح الدكتور محمد معيط ـ نائب رئيس هيئة الرقابة المالية ـ أن هناك خلطا شديدا بين حريق حدث بشكل عادى وآخر نتيجة لأحداث شغب واضطرابات ناتجة عن عنف سياسى، وبغرض وجود مصنعين فى مدينة واحدة، المصنع الأول استغل بعض الأفراد حالة الفوضى فى تلك المدينة، وقاموا بسرقة ما وجد فى ذلك المصنع، ولكى يغطوا على سرقتهم قاموا بحرق المصنع، فإذا رفضت شركة التأمين تعويض صاحب ذلك المصنع، فإن الهيئة ترجع إلى تقرير النيابة العامة فإذا أكد حدوث سرقة، ثم القيام بحرق المصنع فإن الهيئة تجير شركة التأمين على دفع التعويضات، إذا كانت وثيقة التأمين تغطى السرقة والحريق.

ويواصل: أما بالنسبة للمصنع الثانى والذى تم حرقه فى أحداث الشغب والفوضى السياسية التى تعم تلك المدينة، فإن شركة التأمين تمتنع عن دفع التعويضات لأن ذلك ناتج عن شغب واضطرابات سياسية، وهذا ما حدث فى مبنى وزارة المالية، حيث تم حرقه بفعل عنف وشغب واضطرابات سياسية، ونفس الوضع بالنسبة للمضارين على استهداف موكب وزير الداخلية، فتوصيف ما حدث بأنه انفجار ناتج عن جماعات إرهابية نتيجة عنف سياسى، وبالتالى فإن أصحاب المحلات المحيطة والسيارات التى تصادف وجودها أثناء تفجير السيارة المفخخة لا تغطيها وثائق التأمين العادية، ولا بد من عمل ملحق بوثيقة مخاطر العنف السياسى، وهنا ستقوم هيئة الرقابة المالية بتحويل كل شكاوى المواطنين ضد شركات التأمين المؤمنين لديها إلى لجنة فض المنازعات فى الهيئة التى تقوم بدورها بدراسة الموضوعات المعروضة من جانب الشركات والمواطنين وتقارير النيابة العامة حتى تصدر أحكامها.