03-12-2012 -بانوراما التامين
الكويت – تلعب البنوك دورا مهما في كل النظم المالية المتقدمة في تقديم وتسويق وتمويل العقود التأمينية المختلفة، وغالبا ما نجد أن هناك شراكة إستراتيجية بين قطاع التأمين والقطاع المصرفي تهدف إلى تعظيم مصلحة الطرفين. لكن رغم أهمية الشراكة الإستراتيجية بين القطاعين، إلا أن البنك المركزي أصدر تعليماته للبنوك المحلية بوقف تسويق عمليات التأمين وعدم تجديد عقود الشراكة بينها وشركات التأمين.
«الأنباء» استطلعت آراء اقتصاديين حول مدى نجاعة هذا القرار وانعكاسه على قطاع التأمين عموما حيث اعتبروا أن تعليمات «المركزي» بخصوص منع البنوك من تسويق منتجات التأمين، تعتبر صائبة نظرا لكون العقود المبرمة مع شركات التأمين تتحمل البنوك بمقتضاها كل الالتزامات وتشكل مخاطر عالية على أعمالها.
واعتبر المدير العام لشركة الكويت للتأمين د.علي البحر أن قرار «المركزي» سليم ويصب بالدرجة الأولى في صالح القطاع المصرفي، مشيرا الى أن الهدف الأساسي للبنك المركزي هو الرقابة والتأكد من سلامة المبادلات المالية ومدى درجة المخاطرة على ميزانيات المصارف.
وقال إن عملية إصدار وثائق تأمين من قبل المصارف يضع أخطارا إضافية على البنوك التي تستدعي بدورها رقابة إضافية.
وأوضح أن عملية تسويق خدمات التأمين من قبل البنوك لا تقتصر فقط على مجرد التسويق بل تتضمن مخاطر منتجات غير معلومة المخاطر، مشيرا الى أن الخدمات التأمينية هي عبارة عن التزامات على شركات التأمين والتزامات على الجهة التي تسوق هذه المنتجات.
وأشار الى أن البنك المركزي إذا لم يتول المراقبة على هذه الالتزامات قد يخلق أزمة نظام بالقطاع المصرفي.
وأضاف البحر في هذا السياق أن «المركزي» لا ينظر الى الربحية التي قد تحققها تسويق منتجات التأمين عبر البنوك بقدر ما ينظر الى المخاطر المتعلقة بهذه الخدمات.
وشدد البحر على أن عملية تسويق الخدمات التأمينية عبر البنوك والشراكة الإستراتيجية بين القطاعين يجب أن تسبقها خطوات وإجراءات من الرقابة والإشراف المباشر.
ولفت الى ضرورة التساؤل عن الالتزامات المترتبة عن عملية تسويق منتجات التأمين على ميزانية البنوك وعن الإدارة الرقابية المشرفة على تسويق هذه المنتجات.
وعن عمليات التسويق للمنتجات التأمينية التي تقوم بها البنوك العالمية قال البحر انه لا يمكن أن نقارن وضع القطاع المصرفي الكويتي بواقع البنوك الأخرى لأن القطاع المصرفي الكويتي ودائعه مضمونة من طرف الدولة وأي مجازفة دون التحوط المناسب لها، لاسيما في منتجات غير معلومة المخاطر كمنتجات التأمين قد تتسبب في تكلفة كبيرة على المال العام.
وأشار الى أن بيع المنتجات التأمينية، عبر البنوك يحتم على واضعي السياسات والهيئات التنظيمية واللاعبين الرئيسيين في هذه السوق مواجهة التحديات وإزالة العوائق، لاسيما منها ضرورة تعزيز القدرات الفنية للجهات الرقابية على البنوك التي تسوق خدمات التأمين لتضم خبراء متخصصين في هذا النشاط بما يمكنهم من الرقابة على الاحتياطيات الفنية والمخصصات لدى البنوك بما يكفل ضمان توافر الملاءة المالية.
وعن مدى تأثير وقف الشراكة الإستراتيجية بين البنوك وشركات التأمين قال البحر إن تأثيره نسبي ولن يؤثر على القطاع عموما.
من جانبه، أشار مصدر مصرفي رفض ذكر اسمه الى أن هناك تحديات خاصة بالجوانب التنظيمية ذات الأثر على التأمين المصرفي على مستوى العالم لافتا الى انه وفقا لتعليمات بازل 2 فإن استثمارات البنوك في حقوق ملكية شركات التأمين التي تزيد على 20% يتم استقطاعها من قاعدة رأس المال.
وفي حال كانت هذه الاستثمارات تقل عن 20% فإنه يجب تصنيف الانكشاف لمخاطر هذه الاستثمارات على أساس درجات الجودة الائتمانية.
وأوضح أن تعليمات بازل 3 تضمنت أن يتم استقطاع استثمارات البنوك في رأس مال شركات التأمين من الشريحة الأساسية لرأس المال، وبالتالي كلما كانت هذه المساهمات كبيرة فإن ذلك يجعل الاستقطاعات من رأس مال الشريحة الأساسية للبنك كبيرة، وحيث ان الاستقطاع يتم في الوقت الحالي «في إطار بازل 2» من إجمالي رأس المال، فإن ذلك قد يكون له انعكاسات سلبية على الشريحة الأساسية لرأس المال ويشكل عقبة أمام حجم المبالغ اللازمة لدعم الأعمال الأخرى للبنك.
ولفت إلى أن البنوك التي تستخدم نموذج التأمين المصرفي القائم على الملكية الكلية أو الجزئية لشركة التأمين ستعيد النظر في هذه الملكية في ضوء تقييمها لأثر تعليمات بازل 3 على أعمالها.
وقال بخصوص السوق الكويتي في المرحلة الحالية ان عملية تسويق المنتجات التأمين عبر البنوك يجب أن تسبقها تحضيرات وخطوات فيما يخص إدارة الرقابة لدى «المركزي» وإدارات المخاطر لدى البنوك.
وأشار إلى أن منتجات التأمين على الحياة بشكل عام منتجات طويلة الأجل والتي تعتبر من المخاطر العالية، ومن المعلوم أن المصارف في الكويت مدعومة من الحكومة لذلك كان قرار البنك المركزي صائبا من حيث الحفاظ على حقوق المساهمين وعدم زجها في المخاطر الكبيرة.