05/02/2012 – بانوراما التأمين
أبدى خبراء وقانونيون تخوفهم من تداعيات امتناع شركات التأمين عن اصدار بوالص التأمين الإلزامي على المركبات، محذرين من أنه قد يتسبب بمشاكل اجتماعية واقتصادية في المملكة.
وأضاف هؤلاء في أحاديث لـ"الغد" أن هذا القرار سيزيد من المشاكل والخلافات بين الأفراد، الأمر الذي سيزعزع الأمن الاجتماعي وسيزيد من عدد القضايا في المحاكم.
وقرر الاتحاد الأردني لشركات التأمين في تعميم له وقف إصدار وثائق التأمين الإلزامي للمركبات في جميع المكاتب التابعة للاتحاد في مراكز الترخيص اعتباراً من يوم أمس.
وأشار التعميم إلى أن هذا القرار لا ينطبق على "ملاحق تعديل وثائق التأمين الإلزامي على الوثائق السارية المفعول".
وقال المحامي المتخصص بالتأمين، خالد خليفات، إن القانون يسمح لهيئة التأمين بمخالفة شركات التأمين في حال امتناعها عن اصدار بوالص الالزامي ولكن كون القرار صادر عن الاتحاد فهذا يأخذ إطارا قانونيا مختلفا.
وأضاف خليفات أن هذا القرار سيسبب كارثة اجتماعية كونه سيزيد من القضايا في المحاكم نتيجة الخلافات بين افراد المجتمع المتضررين من هذا القرار، مشيرا الى أن هذا ايضا سيؤثر على الاقتصاد الأردني بشكل عام.
ولفت الى أن السوق التأميني أصلا لا يتحمل هذا العدد الكبير من الشركات والتي تعمل معظمها في مجال التأمين الالزامي الذي يسبب خسائر كبيرة للشركات.
وبلغت خسائر قطاع التأمين عن أعمال التأمين الالزامي خلال العام 2010 مبلغ 22 مليون دينار بعد تطبيق النظام الجديد للتأمين الالزامي رقم 12 لسنة 2010 بالأسعار والمنافع الاضافية التي وفرها مع رفع حدود مسؤوليات الشركات.
وحاولت "الغد" الحصول على رد من هيئة التأمين الجهة المنظمة لسوق التأمين الأردني الا أنها لم تتمكن من ذلك.
وذكرت مصادر في الهيئة أنه لا نية لتحرير أسعار الإلزامي وأن الهيئة تبحث الموضوع ضمن إطار قانوني للوصول الى حل.
ويعمل في السوق 28 شركة تأمين مجازة لممارسة أنواع التأمين حيث تستحوذ أعمال تأمين المركبات (بنوعيه الالزامي والتكميلي) على الحصة الأعلى من اجمالي أعمال التأمين سواء بحصتها من اجمالي أعمال التأمينات العامة وبنسبة 64 % أو بحصتها من اجمالي أعمال السوق وبنسبة 43 %.
من جانبه، اقترح الخبير الاقتصادي حسام عايش تأسيس شركة حكومية مختصة بالتأمين كغيرها من الشركات الحكومية التي جاءت لضبط السوق والتقليل من المشاكل.
من جانبه، طالب المحامي ثائر عبيدات شركات التأمين بعدم التسرع في اتخاذ مثل هذا القرار، مشيرا الى ضرورة تقديم حلول متبادلة بين الاطراف للاتفاق على حل مشترك.
الى ذلك، قال وزير الصناعة والتجارة السابق واصف عازر أن خسائر شركات التأمين باتت باهظة والمسؤول أمام خيارات صعبة، لان الاستمرار بالوضع الراهن سيلحق ما تبقى من شركات الى الافلاس في حال استمرت بالتأمين بالطريقة السابقة.
وبين أن تلك المشكلة مردها الى ما يزيد على 12 عاما، مشيرا الى خيار تعويم سعر التأمين الالزامي.
وقال عازر "بعض الشركات التي كانت تقبل على التأمين الالزامي كانت تهدف الحصول على السيولة بغض النظر عن النتائج وقد تكبدت خسائر اغلقتها، مما جعل من نقص الشركات وسيلة لتفاقم خسائر الآخرين".
وأكد بأن الجميع لا يسعى لثراء شركات التأمين على حساب المواطن، بالمقابل لا يعني أن تكون تلك التجارة خاسرة لأن مالكها سيغلقها ما يعني ضرورة البحث عن حلول أفضل للاوضاع الحالية.
من جهته، وصف خبير التأمين مثقال مقطش ما يحدث في السوق المحلية بأنه فوضى ناتجة عن تقصير الحكومات المتعاقبة في معالجة الأمر منذ ما يزيد على 3 سنوات، حتى لا تصل الامور حاليا لهذا المنحنى الخطير بوقف كافة الشركات للتأمين الالزامي مما سيزيد من الاعباء على المواطنين.
وارجع مقطش ما يحدث حاليا في السوق الى أمرين، الأول مرتبط بثقل حجم خسائر شركات التأمين نتيجة التأمين الالزامي، مشيرا الى أن الاجراءات لضبط واقع السوق كانت غير كفؤة وفعالة لعدم وجود معايير مالية وفنية لمتطلبات الدمج بين الشركات المتناثرة والتي تجاوزت 28 شركة بحيث الابقاء على التأمين الالزامي بمفرده ضمن محافظ العديد من الشركات بدلا من تنويعها.
ولفت الى أن الصواب أن لا يشكل التأمين الالزامي أكثر من 8-10 %،من اجمالي الانتاج لدى شركات التأمين لافتا الى أن بعض الشركات الضعيفة شكل في محافظها التأمين الالزامي 80-85 % من اجمالي الاقساط المختلفة، مرجعا ذلك السبب الرئيس لتذمر الشركات.
ودعا الحكومة الى ايجاد عوامل تحفيزية للدمج والكفاءة الاستثمارية في توازن المحافظ الاستثمارية حتى يتولد في السوق كيانات قوية لا تتحدث عن خسائر التأمين الالزامي انما تتحدث عن كافة انواع التأمين.
وحول الجانب الثاني لما يحدث في سوق التأمين بالمملكة قال ان عدم اخراج مسمى قانون التأمين الالزامي بدلا من مسمى التأمين الالزامي حرم الاجراءات السابقة من قوة القانون ،وخصوصا لدى المحاكم في حل النزاعات، متطرقا الى الحوادث المفتعلة والتي تتحدث عنها شركات التأمين بطريقة كبيرة وانها السبب وراء تحميلها الخسائر الباهظة.
وقال الخبير في قطاع التأمين وسيم زعرب أن ما يحدث في القطاع جاء نتيجة ممارسات خاطئة من قبل هيئة التأمين لمدة عقد من الزمن.
وأضاف زعرب أن الهيئة قامت على مدار السنوات السابقة بترحيل مشكلة التأمين الالزامي ولم تجد لها الحل لتتفاقم اليوم في الوقت الذي لم تعد شركات التأمين قادرة على حمل الخسائر المتراكمة.
وأشار الى أن خسائر الشركات هدد العديد منها بالإفلاس الأمر الذي يشكل ضررا على الاقتصاد الأردني، ولتصبح المشكلة واحدة من الادوات لهروب المستثمر الخارجي وعزوفه عن الاستثمار في قطاع التأمين الأردني.
وقال زعرب إن حماية الشركات واجب وطني ويحتاج الى قرارات جريئة من الحكومة لتفادي مزيد من المشاكل.