15/04/2013 – بانوراما التامين

خرجت شركات التأمين التكافلي خاسرة مجدداً بواقع 7 .418 مليون درهم للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2012 وهو ما يطرح سؤالاً عن أسباب فشل أغلبية شركات التأمين الإسلامي في سوق الإمارات في تحقيق أرباح؟ وما هي الأسباب الرئيسة وراء تراجع أداء هذه الشركات؟

يقول خبراء إن التأمين التكافلي يعد من المفاهيم حديثة النشأة في السوق المحلي ورغم التطور السريع الذي شهده الطلب على خدمات التأمين التكافلي في العديد من دول المنطقة والعالم فإن الشركات العاملة في السوق المحلي مازالت تحقق الخسائر التشغيلية لأسباب عزتها الشركات إلى حجم السوق المحلي الذي تعمل فيه أكثر من 63 شركة تأمين الأمر الذي يجعل آفاق النمو في أداء الشركات محدوداً للغاية خصوصاً أن هذا الكم الكبير من الشركات دفع إلى منافسة حادة فيما بينها للاستحواذ على حصة من السوق لضمان بقائها واستمرار عملها في السوق .

ويقول صالح عبدالغفار الهاشمي العضو المنتدب لشركة “دار التكافل” للتأمين التكافلي إن سوق التأمين بشكل عام يتعرض حالياً لحرب غير متكافئة بين الشركات الكبيرة والصغيرة مهيباً بالمسؤولين التدخل السريع خلال العام الجاري حتى لا يتكرر سيناريو الأعوام السابقة ومنع حرب حرق الأسعار القائمة والتي تؤثر سلباً في الشركات حديثة العهد بالسوق لعدم استطاعتها الصمود أمام قوة هوامير السوق لافتاً إلى أن الفئة الأخيرة تمكنت وفي سنوات مضت من تكوين رصيد استثماري نتيجة عوائد لاستثمارات في قطاعات عديدة بعيداً عن قطاع التأمين فعملت في قطاع العقارات والأسهم حين كان سوق العقارات والأسهم يسمحان بذلك فكونت احتياطيات لتطوعها الآن ضد مخاطر السوق ما منحها يدا قوية في حرق أسعار مناقصات التأمين مستخدمة سلاح النفس الطويل والذي لا تقدر على مواصلته الشركات الجديدة في السوق .

وأضاف الهاشمي أن هناك حرب أسعار بين شركات تأمين مهددة بالإغلاق إضافة إلى وجود تنافس غير مدروس بين هذه الشركات مشككاً في مصداقية خدمات بعض شركات التأمين الصحي للمستفيدين بأسعار تثير شكوكا كبيرة حول مصداقية الخدمات التي تقدمها مضيفا أن وجود حرب أسعار بين شركات التأمين وأصبح للعيان ولا سيما أن بعض الشركات تخفض الأسعار كوسيلة لجذب العملاء وبالتالي تتكبد الكثير من الخسائر لافتا إلى أن هوامير السوق تتبع سياستين إما استغلال ما لها من احتياطيات كونتها من استثمارات سابقة في مجالي العقارات والأسهم أو أنها تخوض منافسات “غير مدروسة”، وفي الحالتين فهي تتسبب في خسائر لشركات التأمين الأخرى مشيراً إلى أن المنافسة مطلوبة بين شركات التأمين لوجود سوق تأمين مفتوحة ولكن ليس بهذه الصورة غير المتكافئة ولابد من وجود حلول لهذه الهيمنة التي فرضتها شركات التأمين القديمة مؤكداً أن لكل منافسة إيجابياتها وسلبياتها ولا سيما أن العميل له حرية الاختيار في التعامل مع أي من شركات التأمين العاملة بالسوق .

واتهم الهاشمي المعايير العالمية المحاسبية والمعترف بها دولياً بأنها لم تكن منصفة مع التأمين التكافلي ولم توضح آليات العمل والإجراءات بالنشاط التكافلي حيث اقتصر اهتمامها على التأمين التقليدي فيما كان المفترض أن يكون هناك بنية تحتية من معايير دولية تعمل في إطارها شركات التأمين التكافلي لافتا إلى أن هذا الوضع كان وراء تخبط بعض الشركات التي تعمل في ذات النشاط، كذلك دفع هذا الفراغ وغياب تلك المعايير بشركات تأمين تكافلي، لربط وعاء المخاطر بالشركة برأس مال المساهمين .

وأكد الهاشمي أن تلك الشركات التي تربط وعاء المخاطر بالشركة برأس مال المساهمين يعكس ضعفاً في إدارة الشركة مؤكداً أنه ليس بالضرورة إذا منيت شركات تأمين بخسائر في وعاء المخاطر يعني ذلك الإضرار برأس مال المساهمين فهناك شركات في السوق أضيرت بخسائر في وعاء المخاطر إلا أنها تحقق أرباحاً ولم يمس رأس مال المساهمين بسوء .

وأشار إلى أنه قد يكون من سوء حظ بعض الشركات العاملة بالسوق أن يرتفع كم المطالبات على الإيرادات وهنا فالأمر لا يقتصر على التأمين التكافلي فقد يحدث الشأن نفسه مع التأمين التقليدي والأمر سيان بينهما، كذلك فإن عدم نضج الوعي الفكري لدى المتعامل تجاه التأمين التكافلي يعد سبباً رئيساً أيضاً وراء تراجع بعض الشركات العاملة في ذات المجال .

وأكد الهاشمي أن نشوب حرب الأسعار بين شركات التأمين في السوق الإماراتي تنذر بانسحابات من القطاع مشيراً إلى تركز هذه الحرب بين الشركات العاملة في نشاط الصحة والمركبات مقترحاً إما الاندماج بين الشركات الصغيرة أو الشركات حديثة العهد وإنشاء كيانات تأمينية كبيرة تستطيع التعامل مع هوامير السوق وكذا كافة المعطيات والمستجدات والتوافق مع المتطلبات التشغيلية وأوضاع السوق وإزالة جميع المعوقات سواء كانت مالية أو إدارية أو فنية للقضاء على المنافسة غير العادلة بين شركات التأمين .

وأهاب الهاشمي بالمسؤولين والجهات الرقابية المعنية بسوق التأمين سرعة التدخل لإنهاء حالة الخوف والترقب التي تعيشها بعض الشركات لوجود حرب أسعار وإيجاد حلول عاجلة لمعالجة وضع سوق التأمين وإنهاء حالة الترقب تلك حتى لا يؤدي التنافس غير العادل لمزيد من انسحابات شركات التأمين من السوق لافتاً إلى أن الشركات لن تنتظر طويلاً وهي ترى رؤوس أموالها تتآكل دون أن يقابل ذلك عوائد مجزية لها تعوضها عن الخسائر موضحاً أن معظم شركات التأمين التكافلي القائمة على الشريعة الإسلامية “تكافلي” رخصت من قبل وزارة الاقتصاد خلال ال5 سنوات الماضية وتبلغ نحو 9 شركات وطنية بالمقارنة بشركات التأمين التقليدية والتي تبلغ نحو 50 شركة منها وطنية وأجنبية .

وأضاف أن معظمها تأسس برأس مال لا يتناسب مع حجم الأعمال بالسوق حيث إنه كان الحد الأدنى لرأس المال محددا ب50 مليون درهم وسقفها الأعلى 150 مليون درهم مشيراً إلى أن هذه الأرقام بسيطة بالمقارنة بحجم السوق في الإمارات ويؤكد أن الحل يأتي في اندماج شركات التأمين مع بعضها بعضاً تحت دراسة تخضع لجهات رقابية مؤكداً أن هذا هو الحل الأمثل لهذه الشركات، وذلك كبديل عن حلول وقتية تلجأ إليها شركات تأمين متمثلة في طلب زيادة رأس المال وهذا سيزيد حتماً تراكم كرة الثلج وحصول مفاجآت في السوق قد لا تحمد عقباها .

ويقول حسين الميزة الرئيس التنفيذي لشركة أمان للتأمين إن قصور الوعي التأميني أو غيابه من قبل المختصين وتثقيف المتلقي بأهمية التأمين التكافلي يلعب دوراً كبيراً إذ إنك تجد حتى اليوم أناساً يعدون التأمين بصورة عامة عبئاً على دخل الفرد وليس مساعداً رغم أنه قد يكون داعما لهم .

ويضيف الميزة إن حداثة هذا النوع من التأمين في الإمارات تفرض العديد من التحديات ومنها ما يتعلق بخبرة الشركات الوطنية في التعامل مع التأمينات على الحياة وتطويرها فضلاً عن استحواذ الشركات الأجنبية على الحصة الأكبر في السوق المحلي وضعف الوعي بأهمية برامج من مختلف الشرائح إلى جانب ضعف تسويق منتجات التأمين على الحياة ما يؤدي إلى ضعف الطلب عليها .

وأضاف أنه يجب عدم تعميم مبدأ الخسارة أو الربح على كل شركات التأمين التكافلية العاملة بالسوق فكل شركة تأمين تختلف عن أخرى في مجال تأثر استثماراتها المحلية فبعضها كان يستثمر في أسواق الأسهم وهذه تعرضت لخسائر كبيرة نتيجة تراجع أسعار الأسهم خلال المرحلة السابقة وكذلك الحال مع تلك التي تستثمر في العقار الذي تراجع هو الآخر إلى درجة كبيرة .

وأوضح أنه رغم الأداء السلبي لبعض الشركات العاملة في القطاع خلال العام الماضي إلا أن السوق بشكل عام بدأ بالتحسن التدريجي والميل نحو الاستقرار مدعوماً بزيادة الطلب على العديد من التأمينات وتركيز الشركات على نتائجها الفنية من خلال سعيها المتواصل لابتكار المنتجات الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل ومن المتوقع أن الكثير من الشركات ستحقق نتائج إيجابية خلال العام الجاري باستثناء تلك التي فضلت طرح أسعار لا تتناسب وحجم المخاطر المتوقعة وكانت سبباً في اتساع ظاهرة حرق الأسعار ومن هنا لا بد من ضرورة مواصلة الشركات التركيز على زيادة الوعي بأهمية التأمين خلال الفترة المقبلة لتغيير النظرة السائدة التي تعتبر أن التأمين ليس إلا تكاليف إضافية .

418.7 مليون درهم خسائر شركات التأمين التكافلي

أظهر تحليل أجراه “الخليج الاقتصادي” أن شركات التأمين التكافلي سجلت خسائر بلغت 7 .418 مليون درهم للعام الماضي جاء في مقدمتها شركة سلامة للتأمين بخسائر فاقت 6 .393 مليون درهم وتكافل الإمارات بخسائر 9 .15 مليون درهم ودار التكافل 8 .12 مليون درهم والوطنية للتكافل 5 .10 مليون درهم والهلال الأخضر 4 .17 مليون درهم وميثاق للتأمين التكافلي 8 .5 مليون درهم فيما خرجت شركتا دار التأمين وأبوظبي الوطنية للتكافل بأرباح محققة بواقع 2 .10 مليون درهم لدار التأمين وبواقع 1 .27 مليون درهم لأبوظبي الوطنية للتكافل .

قطاع التأمين الإسلامي يركز على زيادة عدد العملاء

أظهر تقرير حديث أن أغلبية الشركات العاملة في قطاع التأمين الإسلامي التكافلي . تركز على تحول أدائها التشغيلي لأعمالها خلال الشهور المقبلة عبر التركيز على زيادة عدد العملاء وإن كان ذلك بشكل انتقائي مع الحفاظ على هيكل تكاليف أكثر مرونة .

ويتوقف نجاح هذه الاستراتيجية على توافر الخبرة التشغيلية، عبر جميع جوانب ترتيبات التأمين والمطالبات والحسابات التأمينية والتمويل والاستثمارات بتكلفة مجدية .

تنويع الخيارات المتاحة أمام المستفيدين

قالت مصادر قطاع التأمين إن دخول شركات التأمين التكافلي أسهم في تنويع الخيارات المتاحة أمام المستفيدين من خدمات التأمين بشكل عام ولكن بقيت الشركات العاملة في القطاع رهينة عدم قدرتها على الابتكار وتطوير منتجات جديدة مختلفة تماماً عما تقدمه شركات التأمين التقليدية، مشيرة إلى أن أغلبية شركات التأمين التكافلي اتجهت وبقوة إلى الاستثمار في أسواق الأسهم والعقارات لتحقيق أقصى فائدة ممكنة من الطفرة التي شهدها القطاعان خلال السنوات الماضية وبشكل أخرجها عن مسار التركيز على أعمالها الفنية، الأمر الذي جعلها فيما بعد تدفع ثمن هذا التوجه مع الأزمة المالية وبالتالي أدت المخصصات إلى تكبدها خسائر كبيرة فاقت قدرتها في العديد من الأحيان، على الالتزام بدفع التعويضات لحملة الوثائق التي تصدرها.