05-06-2020 بانوراما التأمين

لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى بدأ الصراع الأساسي بين حاملي وثائق تأمين الأعمال وشركات التأمين. بعد لحظة وجيزة للغاية عندما كانت جميع الأطراف تحاول استيعاب حجم المساعدة الرسمية لقطاع الأعمال، هناك الآن اعتراف عام بأنه حتى الحكومة لا تملك المال لتغطية تكاليف انقطاع الأعمال المتعلق بفيروس كورونا.

لذا، فإن الأمر الأكثر وضوحا في أمريكا هو وجود معركة وجودية صفرية تتطور بين الشركات، معظمها شركات صغيرة أو متوسطة الحجم، وشركات التأمين. تشتمل شركات التأمين على الشركات الضامنة التي تتعامل مع الشركات مباشرة، وخلفها شركات إعادة التأمين. وهي عاكفة الآن على صقل “لغة الاستبعاد” وتتحقق من المحامين لديها ومن احتياطيات التقاضي لديها.

ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تبدأ في مواجهة قرار كوفيد – 19 بحصة ساحقة من موارد الدعاوى القضائية للتأمين في العالم. جزء من ذلك نتاج طبيعي لوجود 50 ولاية وعدة مناطق لديها جهات تنظيمية مستقلة للتأمين. أيضا، هناك قناعة واسعة الانتشار بأن “العدالة” أو “الإنصاف” يمكن تسويتها بشكل أفضل من خلال الجهود النشطة في قاعات المحاكم حول تفسيرات القانون المدني ولغة العقود.

بسبب التباين في صياغة العقود وعدم اليقين حول الحجم النهائي للخسائر، من الصعب تقدير الخسائر المحتملة الناتجة عن توقف الأعمال المؤمن عليها نتيجة كوفيد – 19. وفقا لجمعية التأمين ضد حوادث الممتلكات الأمريكية، وهي مجموعة للصناعة، التكلفة المتوقعة لتغطية انقطاع الأعمال فقط للشركات التي تضم 100 موظف أو أقل ستكون في نطاق يراوح بين 255 و431 مليار دولار شهريا، أي نحو 5.2 تريليون دولار سنويا.

مثل هذه المدفوعات ستلغي على الفور كامل المركز الرأسمالي لصناعة التأمين. بلغ رأسمال وفائض الصناعة الأمريكية نحو 860 مليار دولار في نهاية عام 2019.

تعكف شركات التأمين على إعداد دفاع عميق. أهم وأحدث لغة في العقد، التي دمجتها شركات التأمين في العقود بعد وباء سارز في عام 2006، تم تطويرها من قبل “مكتب خدمات التأمين” الذي يقدم الخدمات الاكتوارية. إضافات العقود المعيارية التي تسمى “الموافقات الجديدة المقدمة لمعالجة استبعاد الخسارة بسبب الفيروسات أو البكتيريا” تهدف إلى الدفاع عن شركات التأمين من المطالبات مثل تلك الخاصة بانقطاع الأعمال بعد كوفيد – 19.

لكن هذا لم يوقف المدعين ومحاميهم. “بزينس إنتربت جروب” Business Interrupt Group، التي تتكون في الغالب من مشاهير الطهاة، مثل دانيال بولود وجان جورج فونجيريشتن، عقدت مؤتمرا في أواخر آذار (مارس) مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتقديم حجتهم.

ترمب، الذي يضم بعض ممتلكاته مطاعم، اتخذ جانب المجموعة. قال أمام الكاميرات: “عندما تحتاج إليه (الشركات) أخيرا، تقول شركة التأمين ’لن نعطي التأمين‘. لا يمكننا السماح بذلك”.

في الواقع، في ظل النظام الفيدرالي الأمريكي، إذا كانت أي سلطة حكومية ستسمح، أو لا تسمح، بعدم دفع التأمين ضد انقطاع الأعمال بسبب لغة الاستبعاد، فهذه السلطة هي محاكم الولاية وقضاتها والمحلفين.

يعمل عدد من الهيئات التشريعية في الولايات على تعديل قوانينها لكي تلغي من الناحية العملية لغة الاستبعاد التي تستخدمها شركات التأمين. رأي ترمب ليس ملزما قانونيا.

هناك دور للمحاكم الفيدرالية كون الدستور لا يسمح بـ”الاستيلاء” الحكومي، أو الاستيلاء على الممتلكات من دون تعويض، كما أنه يحمي الحقوق التعاقدية.

يقول إيرل نيمسر، محام متمرس ضد شركات التأمين، والآن مستشار مستقل لشركة ديشيرت للمحاماة، إن المدافعين الحاليين عن صناعة التأمين “لا يفهمون الموضوع على الوجه السليم”. ليس الفيروس هو الذي سبب الخسارة. كانت الخسارة ناجمة عن توجيه حكومي – وليس إنفاذ أمر حكومي، وفي هذه الحالة سيتم الاستبعاد.

يضيف: “سينظر المدعون إلى وثائق الصناعة الداخلية التي تشير إلى أن الشركات تصرفت بشكل متضافر لرفض التغطية (…) من المرجح أن يتم تنفيذ الفصول الأخيرة من هذا الأمر في محاكم الإفلاس، أو من خلال إجراءات حكومية أخرى”.

شركات تمويل التقاضي الخارجية تتوخى الحذر بشأن تمويل المطالبين بتعويض تعطيل الأعمال. يقول جوناثان مولوت، كبير الإداريين الاستثماريين في شركة بيرفورد كابيتال: “بالتأكيد سنمول دعوى من قبل حامل بوليصة رفض بشكل غير عادل طلبه للحصول على التأمين على مطالبة تغطيها بوليصة الشركة بشكل واضح، لكن عادة ما يتوقع من شركات التأمين دفع تلك المطالبات دون الحاجة إلى التقاضي (…) لن نمول مطالبة من قبل حامل بوليصة إذا نصت لغة العقد على نحو لا لبس فيه باستبعاد التغطية بوضوح”.

يبدو أن ما يهم العاملين في تمويل التقاضي حقا هو جميع الدعاوى القضائية الأخرى التي ستخرج من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن كوفيد – 19.

هذه لحظة وجودية لتأمين الأعمال. إذا أرادت الدولة، على نطاق واسع، استخدام عقود التأمين والشركات أداة للتعافي، فقد يكون من الممكن التعاون مع شركات التأمين. خلاف ذلك، ستدخل شركات التأمين وحاملو البوالص في معمعة التقاضي إلى حين وفاتهم، أو حتى بعدها.