29/04/2013 – بانوراما التأمين

في أعقاب توابع الزلزال الأخير في إيران والذي تسبب في حدوث هزة لبعض المنشآت في دول الخليج العربي المجاورة والكويت من ضمنها. ارتأت "السياسة" استطلاع اراء الخبراء والمسؤولين العاملين في قطاع التأمين عن الطريقة الأمثل للتحوط من الخسائر التي قد تسببها الاخطار الطبيعية خاصة تلك الغير متوقع حدوثها محليا كالزلازل مثلا, وعن توقعاتهم عن اذا ما سيشهد سوق التأمين المحلي طلبا متزايدا على تأمين الاخطار الطبيعية وهل ستكون قادرة على استيعاب مثل تلك المخاطر لوحدها خصوصا في ظل الخسائر الكارثية التي ستنعكس على الثروة الوطنية؟ أم أن المسؤولية ستنصب على الحكومة ودورها في تأمين مثل تلك المخاطر أسوة ببعض الدول الخارجية؟ وقد ابدى المسؤولون قلقهم بشكل واضح لما قد تخفيه الكوارث الطبيعية خلال الفترة المقبلة, خصوصا في ظل ان معظم المنشآت المحلية غير مؤهلة لمواجهتها.

واتفقت الاراء حول ان المشكلة الاكبر تكمن في معاناة السوق المحلي من قلة الوعي التأميني حتى الان وبالتالي ابقت على محدودية مسؤولياته, ناهيك عن صرف نظر الحكومة للتطلع على دور التأمين بجدية الامر الذي عزز من شلله.

البحر: ابتعدوا عن المناطق القريبة من الزلازل

بداية علق المدير العام في شركة الكويت للتأمين د. علي البحر في اعتقادنا لا توجد هناك طرق للحد من الخسائر التي تسببها الأخطار الطبيعية خاصة الزلازل الا ان الشواهد والدراسات الاحترازية العلمية توصي بعدم اقامة منشآت مجاورة أو على خط التماس من مناطق الزلازل والمعروفة والمرصودة علميا.

وعليه تقع منطقة الخليج العربي ومنها الكويت ضمن الدرع العربي الآمن جيولوجيا. وهناك محاولات في الدول الآسيوية منها اليابان والصين لتفادي وقوع اضرار الزلازل باقامة مراصد متعددة لقياس النشاط الزلزالي وبناء منشآت تقاوم الزلازل وتبادل المعلومات ذات الصلة, وهنا في الكويت لا ننسى الدور الرائد الذي تقوم به مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لدراسة هذه المخاطر على المنطقة.

وعن توقعاته بان يشهد سوق التأمين المحلي طلبا متزايدا على تأمين الاخطار الطبيعية وخصوصا المتعلقة بالزلازل, بين البحر انه من المفترض أن يزيد الطلب على تأمين الأخطار الطبيعية وخصوصا المتعلقة بالزلازل ولكن تبقى الاحتمالات مفتوحة أمام ضعف الوعي التأميني وادارة المخاطر.

واشار البحر الى ان الشركات الوطنية لها ترتيبات فنية خاصة مسنودة من كبريات شركات اعادة التأمين العالمية لمحاولة امتصاص آثار الزلازل المتوسطة. وتجدر الاشارة الى دور الحكومات المهم في معالجة هذه الأخطار من العمل على سن التشريعات الخاصة لمواجهة واستيعاب تلك الكوارث في حالة حدوثها لا سمح الله.

مكي: التعاون مع شركات إعادة التأمين

من جانبه قال نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة التكافل الدولية للتأمين التكافلي سعد ابراهيم مكي بشكل عام لا أتوقع أن يشهد السوق المحلي طلباً متزايداً عن ما هو موضوع في وثائق التأمين الحالية (وثيقة الحريق والأخطار المصاحبة) حيث أن الوثائق المعمول بها في السوق المحلي تشمل تغطيات لأخطار الزلزال بمبلغ محدد.

واضاف مكي يجب التنويه هنا انه ليس بمقدور أي شركة تأمين مباشر أن تعمل منفردة بدون وجود معيد تأمين وهذا ينطبق على الأخطار ذات المبالغ العالية والتي تكون فيها تغطية أخطار الزلزال مشمولة في الوثيقة وعليه يجب على الشركة أن تعمل بالتعاون مع شركة إعادة التأمين.

وتابع أما بخصوص دور الحكومة في تأمين هذه الأخطار فما هو معمول به في الكويت أن الحكومة لا تقوم بالتأمين على ممتلكاتها, حيث تعتمد على التأمين الذاتي ماعدا المؤسسات الحكومية التي تقوم بعمل تأمين لممتلكاتها عن طريق شركات تأمين محلية بالتعاون مع شركات إعادة تأمين عالمية, على سبيل المثال شركات البترول والبتروكيماويات ومؤسسات الخطوط الجوية الكويتية.

العمر: الكويت بعيدة عن الحزام الزلزالي

من جهته, أكد نائب رئيس مجلس الادارة لشركة الخليجية للتأمين التكافلي ناصر العمر أن هناك مناطق بعينها تقع داخل ما يسمى حزام زلزالي وإيران هي واحدة من أنشط تلك الأحزمة و الأقرب لدول الخليج ما يجعلنا جميعا نواجه هذا الخطر بشكل دائم والتعامل معه يكمن أساسه بإجراءات سابقة تشتمل على مواصفات فنية في طريقة البناء بشكل عام ومواصفات إضافية للأبنية العالية والأبراج مرورا بتأهيل ملاجئ عامة ونظام إنذار مبكر وخطة تدريب وطنية للتعامل مع تبعات الزلازل للدفاع المدني والمواطنين والمقيمين وأيضا تأمين إجباري على المباني ومسؤولية المؤجر عن أرواح وممتلكات المستأجرين.

واضاف العمر تعرضت الكويت لهزات أرضية بشكل منفرد وكان أكبرها في 18/8/2007 والذي بلغت قوته 3و4 درجات على مقياس ريختر و خاطبنا في حينه اتحاد شركات التأمين بغرض التنسيق بين شركات التأمين للقادم من الزلازل و شروط التأمين على هذا الخطر وأذكر أننا في الخليجية للتكافل قد تلقينا استفسارات من بعض العملاء بخصوص تأمين خطر الزلازل إلا أن المخاوف هدأت تدريجيا و توقفت الاستفسارات.

وتابع بالتأكيد لا تستطيع شركات التأمين المحلية في الكويت أو في أي دولة أخرى تحمل الخسائر التي قد يخلفها زلزال قوي, ويكمن نجاح مساهمة شركات التأمين في المساهمة في تخفيف أثار الزلازل في أن يحرص الجميع على تأمين حياتهم و ممتلكاتهم ضد خطر الزلازل حتى يكون هناك مجمع للأقساط التأمينية يشارك فيه معيدي التأمين و يستطيع التعامل مع تلك النوعية من الخسائر بمساعدة سلطات الدولة.

وقال العمر بطبيعة الحال يمكن للتشريعات أن تساهم في التعامل مع النتائج الكارثية للزلازل و لعل أقرب الأمثلة نجاحا تركيا حيث يفرض التأمين ضد خطر الزلازل على جميع الأبنية و تجمع الأقساط التأمينية لهذا الخطر في مجمع واحد ضخم يتشارك به معيدي تأمين متخصصون و يقوم المجمع بتعويض الأبنية المتضررة ويمكن للدولة أن تقوم بالتأمين على الممتلكات العامة أو تنشأ لديها صندوق خاص بذلك.

الوهيب: شركات التأمين قادرة على استيعاب المخاطر

من ناحيته توقع الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة تازر للتأمين التكافلي عبد الرزاق الوهيب زيادة في الطلب على ملاحق تأمين الكوارث الطبيعية والزلازل لوثائق تأمين الممتلكات في أعقاب الكوارث الطبيعية المتكررة في الآونة الأخيرة في المنطقة.

وبين الوهيب ان شركات التأمين المحلية تعتبر قادرة على استيعاب تلك المخاطر في ظل وجود اتفاقيات إعادة تأمين مع شركات عالمية تغطي هذا النوع من الأخطار.

واضاف نتمنى ولازلنا نطالب الجهات الحكومية بتطبيق تأمين الممتلكات للأفراد والشركات إضافة إلى تأمين الممتلكات الحكومية أسوة بالدول الأخرى بالإضافة إلى زيادة الوعي التأميني للأفراد لمثل هذه المخاطر وأهمية التأمين للتحوط من الخسائر المادية التي قد تنجم من الكوارث الطبيعية.

العلي: توعية السكان بالتأمين على منازلهم

من جهة اخرى, قال المدير العام في شركة وثاق للتأمين التكافلي ماجد العلي لعله بات من الاهمية بمكان ان تبادر حكومة دولة الكويت الى توعية السكان من مواطنين ومقيمين بضرورة التأمين على منازلهم ليس ضد اخطار الزلازل فقط – حتى مع ندرة حدوثها في بلد مثل الكويت لايصنف على انها منطقة زلازل او مايعرف بمصطلح " Zone Earth Quake " ولكن ضد الاخطار الاخرى المحتملة كالحرائق والفيضانات والانهيارات وارتطام المباني وما على شاكلتها وهو بكل أسف ما يفتقده المجتمع الكويتي لغياب الوعي التأميني بينهم.

وتابع اعتقد ان الحكومة الكويتية – ولضمان زيادة الوعي التأميني لدى السكان – مطالبة بتكثيف برامجها التوعوية ومحاضراتها في المدارس والجامعات وبعض مؤسسات القطاعين العام والخاص, بما في ذلك اصدار تشريع او قانون جديد تلزم فيه جميع السكان بالتأمين على بيوتهم ايا كان نوعها وتصنيفها, فلل سكنية او شقق او بيوت, شريطة ضمان جديتها بتنفيذه, كأن تمنع اصحاب وملاك العقارات من تجديد أي رخصة قيادة او جواز سفر او بطاقة مدنية او اقامة او اصدار ترخيص تجاري, وما على شاكلة ذلك من الخدمات ما لم يبرز المراجع شهادة او وثيقة التأمين على سكنه اذا كان خاصا, او عقاره مؤجر للغير سكنيا كان او استثماريا.

وبالاضافة الى ما سبق, فان التحوط للزلازل يستوجب من الدولة انشاء مراكز استشعار لرصد حركة الزلازل قبل وقوعها لتحديد مسارها وتقييم اضرارها ومن ثم ادارة الازمة قبل حدوثها, بما في ذلك انشاء مراكز او ملاجئ ايواء, ومراكز اسعاف وخدمات طبية متنقلة تكون جاهزة حال الطلب, واعداد وتهيئة طواقم متخصصة للتعامل مع الزلازل بمجرد التنبوء بها او حدوثها, وقد لا ابالغ لو قلت ان التحوط للزلازل قد يغير من وجه دولة الكويت عمليا وعلميا ومهنيا ومجتمعيا, اذا ان نمط الحياة في المجتمعات المستقرة يختلف عنه كليا لدى المجتمعات المعرضة للزلازل.

وحول توقعاته بشأن اذا ما سيشهد سوق التأمين المحلي طلبا متزايدا على تأمين الاخطار الطبيعية كالزلازل علق قائلا: لا اتوقع ذلك لان ايا من الحكومة والشعب لم يأخذ الهزة الارضية التي طالت الكويت مؤخرا على محمل الجد لاسيما وان الكويت وعلى امتداد تاريخها لنحو مئتي عام لم يسبق وان تعرضت لهزة ارضية بحكم موقعها الجغرافي وجيولوجية ارضها .

واشار العلي الى ان شركات التأمين المحلية قادرة بكل تأكيد على استيعاب مثل تلك المخاطر حال حدوثها, بدليل انها ضمنت جميعها من شركات تأمين تكافلي وشركات تأمين تقليدية وثائق التأمين الخاصة بها تأمين إضافي خاص بالاضرار الناتجة عن الزلازل وسقوط الطائرات او اجزاء منها وحوادث ارتطام المركبات بالمنازل او بالأسوار والبوابات الخارجية, وكما هو متعارف عليه, فان شركات التأمين نفسها تؤمن على انشطتها ايضا لدى شركات تأمين او شركات اعادة تأمين عالمية تغطي عجزها في مواجهة مبالغ التأمين الباهضة في مثل تلك الحالات, ما يعني ان المؤمن او العميل يستلم حقه كاملا خدمة وتعويضا حسب الظرف او الحادثة.

وعن رأيه في اذا ما سيكون للحكومة دور في تأمين مثل تلك المخاطر أسوة بدول أخرى, اجاب العلي: اتمنى الا يطرح مثل هذا السؤال لان الاجابة عليه قد تفاجئ الجميع اذا ما علمنا ان أجهزة الدولة – وبكل اسف – تفتقد نفسها للوعي التأميني, وانها لم تؤمن على أي من منشآتها ووزاراتها ومرافقها ومؤسساتها لانها كلها – دون استثناء – غير مشمولة بالتأمين وغير مؤمن عليها, عدا القطاع النفطي, والمنشآت النفطية, وهذا من المآخذ الكبيرة والسقطات الخطيرة للحكومة وهي التي تهيمن على جل الانشطة في البلاد, في حين ان القطاع الخاص اكثر وعيا وادراكا لاهمية وضرورة التأمين, وهذا ما يفسر تغطية كل مرافقه ومبانيه وأنشطته تأمينيا. ولكن هذا لا يعني ان الدولة "لا تفزع" او تهب لنجدة ومساعدة الشعب من مواطنين ومقيمين حال حدوث أي طارئ او مخاطر سواء كان ذلك زلازل او براكين او أعاصير, اذ ان ايا من السكان -ودول العالم اجمع – لا يمكن ان ينسى كيف ان حكومة دولة الكويت هبت من تلقاء نفسها لمساعدة شعبها لدى تعرضه لأزمات كالأزمة المالية التي تعرض لها القطاع الخاص على غرار أزمة المناخ والأزمة المالية العالمية بالرغم من أنها كانت مجرد أزمات مالية تكاد لا تشكل اية مخاطر تذكر إذا ما قورنت بالأزمات الناتجة عن إمكانية تعرض البلاد للزلازل او الهزات الأرضية أو غيرها من الحوادث التي يمكن ان نسميها أو نصفها ب"النادرة".