27/02/2013 – بانوراما التأمين
دعا مؤتمر التأمين السعودي الثاني، أمس، إلى وضع تصنيف لمقدمي الخدمة في السعودية، وتحديد أسعار الخدمات التأمينية في ضوء هذا التصنيف، وهو الأمر الذي سيسهم في ضبط مراقبة الأسعار في السوق وما يصدر من تعليمات من مؤسسة النقد السعودي، ومعاقبة من يخالف تلك التعليمات.
واقترح المؤتمرون، إعادة دراسة أسعار خدمات التأمين في البلاد، للوصول إلى أسعار معقولة بالنسبة لطرفي العقود التأمينية: شركات التأمين وحملة الوثائق، على أن يسهم التنصيف بإلغاء الفروقات الكبيرة في الأسعار الجارية، وربط المستويات السعرية بنوعية ومستوى الخدمة المقدمة للمستفيد.
وأكدت مؤسسة النقد "ساما"، خلال المؤتمر الذي انطلق أمس في الرياض، أنها تضع عملية تنظيم قطاع التأمين وضبطه وفق معايير وممارسات مهنية عالية، في أولوياتها، بهدف رفع مستوى كفاءة القطاع ومساعدة شركاته على تقديم خدمات أفضل لحملة الوثائق، لافتة إلى أنها تحرص على توطين الوظائف في القطاع، حيث بلغت نسبة السعوديين العاملين فيه نحو 55 في المائة من إجمالي الموظفين مقارنة بنسبة 40 في المائة عام 2007، كما شهد تطورا ونموا ملحوظا في عام 2012.
جانب من حضور رؤساء شركات التامين. تصوير: إقبال حسين – «الاقتصادية»
وقدر محافظ "ساما" الدكتور فهد المبارك، إجمالي الأقساط المكتتب بها في قطاع التأمين في السعودية العام المنصرم بنحو 21 مليار ريال مقارنة بـ 8.5 مليار ريال في عام 2007، أي بمعدل نمو بلغ متوسطه 29 في المائة خلال السنوات الخمس.
وأضاف المبارك: مثلت أقساط التأمين المكتتب بها نحو 0.76 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2012، مشيرا إلى أن ذلك يعطي دلالات على وجود فرص نمو كبيرة في قطاع التأمين في السعودية خلال السنوات المقبلة، من حيث زيادة مساهمة قطاع التأمين في الاقتصاد المحلي.
وذكر، أن مؤسسته تعمل على إلزام شركات التأمين باعتماد خطط لتأهيل وتطوير الموظفين ورفع المستوى الفني لهم، من خلال تطوير مهاراتهم وقدراتهم الفنية في التأمين، بما يسهم في توفير الكوادر البشرية الوطنية المؤهلة في هذا القطاع الناشئ، الذي سيمثل أهم القطاعات الموفرة للفرص الوظيفية في الاقتصاد السعودي خلال السنوات المقبلة.
وعلى هامش المؤتمر، وفي تصريحات لـ "الاقتصادية"، اقترح صالح العمير مدير عام شركة أمانة للتأمين، "أن على كل من يتم اعتماده من قبل مجلس الضمان، تقديم الخدمة لكل عملاء التأمين حسب فئاتهم وحسب تصنيف مقدم الخدمة، بما أن مجلس الضمان الصحي يقوم بعملية اعتماد لمقدمي الخدمة الذين يزيد عددهم على 2200 مقدم خدمة برسوم سنوية ثابتة تصل إلى 50 ألف ريال للمستشفى وعشرة آلاف للمجمع الطبي".
وقال، "يجب أن يسبق ذلك القيام بتصنيف مقدمي الخدمة وتحديد الأسعار لكل فئة في هذا التصنيف"، مضيفا "لو تم تنفيذ ذلك، نكون قد قطعنا الطريق في أهم وأبرز عمليات التحايل والتلاعب الجارية في السوق".
وحول مراقبة التحكم في التعاملات في قطاع التأمين الطبي السعودي، قال العمير، "هناك مجموعة من عناصر المعادلة في الصناعة التأمينية، تأتي في مقدمتها تحديد عدد ضئيل من مقدمي الخدمة للفئات التأمينية المتدنية وخاصة فئتي (ج) و(د) (العمالة الإنشائية وما شابهها)، لافتا إلى أن قيام بعض شركات التأمين بعدم إعطاء الموافقات لهذه الفئات إلا في أضيق الحدود، إضافة إلى العمل مع بعض الشركات على الحد من حصول العمالة على بطاقات التأمين".
وعن حملة الوثائق للعملاء، قال العمير، "يقوم بعض الشركات بهدف تخفيض التكلفة بالاحتفاظ ببطاقات التأمين والضغط على شركات التأمين لخفض تكلفة القسط التأميني، ويأتي الاهتمام الثالث بشركات إدارة المطالبات التي يتدخل بعضها في التسعير أو ترتيبات برامج إعادة التأمين لبعض الشركات، الذي له تأثيرات سلبية في ماهية التعامل.
وضعف شبكات مقدمي الخدمات يعطي هذه الشركات وسائل للضغط، ودخول الوسطاء في التسعير أو الإدارة له آثار سلبية عديدة".
فيما عد عادل العيسي الرئيس التنفيذي لشركة سوليدرتي للتكافل، خلال حديثه في المؤتمر، السوق السعودية في بداية الطريق، ولا سيما أنها ضخمة جدا والمنطقة الجغرافية واسعة جدا، مما يعد فرصة ممتازة لشركات التأمين للالتقاء ومناقشة المشكلات المشتركة التي تواجه القطاع، في ظل فرص النمو الضخمة التي تنتظره.
وقال، إن "ساما" تأخذ الأمور بخطوات متدرجة، تأتي في مقدمتها الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية، مما يجعل الشركات تضع السعر على أساس علمي بعيدا عن الاجتهادات الخاصة لتفادي الخسائر والحد من المنافسة الشرسة، ووفقا للأسعار التي تقدرها المعايير الدولية في تقييم المخاطر التأمينية والمالية أو ما يسمى بـ "الإكتواري".
وصرح العيسي، بمشكلة جارية في السوق، حيث يجزم أن هناك دخلاء على صناعة التأمين تعمل وراء المكاسب المالية لا غيرها ودون أن تقدم أي خدمة للمستفيد، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة تدخلا من "ساما"، مدللا على ذلك تعميمها على جميع شركات التأمين من أجل الالتزام بالأسعار يضعها "الإكتواري"، مما يدل على أنها جادة في هذا الموضوع".
ويشير العيسي، إلى أن قلة الوعي التأميني وعمليات الاحتيال في التأمين الطبي، أبرز المعوقات التي تواجه القطاع، في ظل عدم التزام "الوسطاء"، بحسب رأيه، بالأسعار والالتزامات الموضوعة، وأيضا يضم معهم الوكلاء وأطرافا أخرى تابعة لأصحاب المهن الحرة، لافتا إلى أن قرار "ساما" الأخير كان له أثر كبير في الالتزام بالأسعار المحددة من "الإكتواري" وعملية التنظيم بين الشركات، مطالبا في الوقت ذاته بأن تزيد "ساما" التشديد والمراقبة على المتلاعبين في الأسعار.
ويعتقد العيسي، أن الاندماج أحد الحلول التي تنقذ الشركات التي تآكلت رؤوس أموالها، مقدرا أن هذا الأمر بات حاجة ملحة في السوق السعودية لكافة الشركات الخاسرة، ومن خلال الاندماج بين الشركات الخاسرة والرابحة، بيد أنه يحذر من حالة اندماج شركتين خاسرتين، حيث نسبة النجاح ضعيفة جدا.
من جانبه، قال طل ناظر الرئيس التنفيذي لشركة بوبا للتأمين، إن مستقبل قطاع التأمين الصحي في الوقت الحالي جيد، مشيرا إلى أن المؤمن عليهم في سوق التأمين الصحي، لا يتجاوزون 8 ملايين شخص، فيما نحو 19 مليونا ينتظرون فرصة، مشيرا إلى أن ذلك يخلق فرصا وتحديات في الوقت ذاته.
وتابع: "هناك تحديات كبيرة تواجه القطاع في الوقت الراهن، أبرزها أن الطاقة الاستيعابية في المستشفيات الخاصة ضعيفة، مما ينتج عنه زيادة التضخم في الأسعار، إضافة إلى التنافس غير الصحي بين المستشفيات الذي يتسبب في انخفاض الأسعار، لهذا السبب معظم شركات التأمين السعودية خاسرة ما عدا قرابة أربع شركات رابحة".
وأشار ناظر، إلى أنه يتطلب على الشركات خلال الفترة المقبلة، أن تركز على المخاطر التي تواجهها لتساعدها على الوقوف لتغطية الخسائر، متوقعا أن تسهم الاستثمارات الكبيرة الجارية أو المنتظرة في القطاع الصحي، في الحد من تضخم أسعار الخدمات الطبية، وبالتالي وثائق التأمين الصحية.
ومن واقع خبرته العملية، يؤكد ناظر، أن هناك تلاعبا وعمليات احتيال قوية جدا في تسعيرات المستشفيات والمستوصفات، مشيرا إلى أن شركات القطاع دئماً ما تلجأ للجهات ذات الاختصاص لوقف نزيف التلاعب والاحتيال، ومجلس الضمان الصحي يعلم ماذا يحصل من قبل المستشفيات والمراكز الصحية.
وأشار إلى أن مجلس الضمان الصحي، يجري دراسات وإيجاد حلول جذرية للتصدي للتلاعب من ناحية، وتأكيد الالتزام بالقوانين والأنظمة سواء من مقدمي الخدمة أو شركات التأمين".