18-10-2023 – بانوراما التامين

 

عندما يتحول المشهد إلى تجارة فلا فرق بين ميكانيكي السيارات والطبيب، والبشر بطبيعتهم يحترمون الأخير ويثقون فيه؛ لأنه يحمل مهنة إنسانية سامية، ويتوجسون خيفة من الميكانيكي المظلوم.. أحياناً.

بعض الأطباء لا يتصرفون بما تمليه عليهم أخلاقيات المهنة، وبالتالي فقد كثيرون الثقة في الطبيب فتجدهم يراجعون أكثر من طبيب عندما يتعلق الأمر بدفع آلاف الريالات، يفعلون ذلك كما يفعلون مع ورش السيارات، فعندما تغيب الأخلاقيات يتساوى الجميع وتتلاشى الثقة.

فالطبيب الذي تقابله في عيادته في المستشفى الحكومي ليس هو الطبيب ذاته الذي يستقبلك في عيادته الخاصة مع أن العلاج واحد، وقد يفرض على المراجع نظام الجلسات الذي يتطلب من المريض تكرار مراجعته، ويلزمه بإجراء تحاليل لا داعي لها أو يقرر عملية يمكن تجنبها. وتجد شركات الأدوية في مثل هذا النوع من الأطباء أداة لتسويق منتجاتها مقابل نسبة معينة من الأرباح.

ونستذكر في هذا السياق إيقاف “نزاهة” العام الماضي لطبيبين استشاريين؛ جراء قيامهما خلال فترة عملهما بإعداد تقارير طبية تتضمن إجراءَهما (18.953) عملية جراحية لم يقوموا بها ومطالبة المستشفيات التي يعملون فيها بمبلغ (87.336.296) ريالاً مقابل تلك العمليات، ودفعهما مبالغ مالية لأطباء (غير مُصرَّح لهم بإجراء عمليات جراحية) للقيام بتلك العمليات نيابة عنهم.

الطب مهنة إنسانية أفسدتها التجارة، فباتت بعض المستشفيات الأهلية تدار بعقلية ورش السيارات.

ومع ذلك نقف إجلالاً وإكباراً لذلك الطبيب المتمسك بأخلاقيات المهنة رغم المغريات وثراء من هم حوله، ولا ننسى كذلك الميكانيكي الأمين.