30 – 11 – 2016 – بانوراما التأمين
لا اعتقد ان رفض القطاع التجاري لتطبيق مشروع التأمين الصحي الذي اقترحته المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يصب في مصلحة احد، بما في ذلك مجتمع رجال الاعمال والتجار، لان توفير التأمين الحصي يعتبر حقاً لكل مواطن، وان النغمة التي نسمعها عن تراجع الاعمال، وان القطاع التجاري يواجه ظروفا اقتصاديه صعبة، فهي ليست غريبة، وقد سمعناها منذ عشرات السنين.
عندما قامت مؤسسة الضمان الاجتماعي قبل اكثر من ثلاثين عاماً، اجتمع عدد كبير من رؤساء القطاع الصناعي والتجاري،وأكدوا بان المبالغ المقتطعة منهم لغايات الضمان ستلحق بهم الضرر، وتؤدي الى تراجع النمو، وتضعف فرص الاستثمار، لان هذا القطاع سيتحمل اعباءً اضافيه، ستنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي.
وقد اثبتت الايام بعد سنوات، ان هذا الضمان الاجتماعي قد ساهم في دفع عملية الاقتصاد، وتوفير الامن الوظيفي لمئات الالاف من العاملين في الشركات
والمؤسسات في القطاعين الصناعي والتجاري، وان الراتب التقاعدي الذي يحصل عليه من عمل في القطاع الخاص، قد ضمن كرامة هذا الموظف المتقاعد، كما ان الاف الإصابات والوفيات التي وقعت خلال العمل، قد وفرت الحد الادنى لعائلات هؤلاء، وابعدتهم عن شبح الفقر، وحتى التسول، وانه بعد عقد او اكثر من بدء تطبيق الضمان الاجتماعي بدأ المجتمع كله يشعر بفوائده وجني ثماره اخذت باقي المؤسسات والشركات التي كانت تتهرب من ضم موظفيها الى مظلة الضمان الاجتماعي بالعمل على شمولهم، حتى ان الضمان الاجتماعي اصبح احد الاسباب الرئيسية لاقبال الشباب على العمل مهما كان نوعه.
مؤسسة الضمان لم تضع مقترحاً معيناً لتطبيق التأمين الصحي في القطاع التجاري، وتركت الباب مفتوحاً للوصول الى الصيغة المناسبة، لكننا نؤكد في هذا الصدد ان تعاون كل الاطراف المعنية من شأنه الوصول الى صيغة توافقيه، وان الحكومة لا بد وان تدعم مثل هذا التأمين الصحي، حيث نعلم ان اي مواطن واينما كان موقفه يستطيع الوصول الى الديوان الملكي العامر او رئاسة الوزراء، ويحصل على الاعفاء بقصد العلاج، سواءً في المستشفيات الحكومية، او الخدمات الطبية الملكية،او المستشفيات الجامعية ، وانه لو تم تخصيص مبلغ ثابت من هذه المعالجات، فأنه يساهم في تخفيف اي عبء مالي يتحدث عنه القطاع التجاري، ويوفر العلاج لابناء الوطن.
لقد سمعنا الكثير عن اعتزام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي توفير التأمين الصحي للمستفيدين من خدماتها، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، وان الحكومة قامت بتوجيهات من جلالة الملك بشمول الاطفال دون سن السادسه مجاناً، وتوفير التأمين الصحي لكل من بلغ الستين وبمبلغ (75) دينارا سنوياً ومجاناً لكل من بلغ سن الثمانين، وهذا الامر يضع الاردن في مقدمة الدول العربية، وحتى المتقدمة، في توفير الرعاية الصحية والطبية لمواطنيها.
اننا نأمل من غرفة تجارة الاردن، والغرف التجارية، ان تدرس بعناية فائقة الاقتراحات المطروحة للتأمين الصحي على العاملين في القطاع التجاري، وتعمل على الوصول الى صيغة تتناسب مع كل الاطراف المعنية بالتأمين الصحي، من عاملين واصحاب عمل، وحكومة ، لاننا نمر في ظروف عصيبة على الجميع، لكن توفير العلاج، والرعاية الصحية والطبية يجب ان تحتل الالوية، وهي من افضل السبل لتحقيق الامن الوظيفي والاجتماعي والحد من العمالة الوافدة ومحاربة ظاهرة البطالة.
بقلم أحمد جميل شاكر