هناك توقعات بهطول أمطار غزيرة على بعض مناطق المملكة، ومنها منطقة مكة المكرّمة، ورغم الثقة بما تم إنجازه لمواجهة خطر الأمطار، وما قد يتبعها من سيول، فإن من الواجب حماية الأموال من الخسائر سواء كانت ثابتة أو منقولة، فالعملاء الذين استفادوا من التعويض عن أضرار الأمطار في المواسم السابقة هم العملاء الذين كانت لديهم وثائق تأمين شاملة. وهم في الحقيقة نسبة ضئيلة من إجمالي عدد العملاء، فالأغلبية من المتضرّرين الذين لديهم وثائق تأمين هم من عملاء التأمين الإلزامي أو التأمين للطرف الثالث، ولذا يمكن أن نقول إن مواجهة الكوارث الطبيعية بالتأمين تتطلب أن يسعى العميل إلى تغطية شاملة عن الأخطار المؤمّن ضدّها، وإن كان هذا فيه زيادة في التكلفة المالية عليه إلا أنه المستفيد الأول في حالة حصول كارثة طبيعية كالأمطار أو تساقط البرد أو العواصف الرملية ونحوها. وهي احتمالات واردة خصوصاً مع التغير الكبير في المناخ وارتفاع عدد الكوارث الطبيعية على مستوى العالم.
لقد كان قطاع التأمين يبحث عن فرص للتسويق، واليوم أصبح التأمين من أولويات العملاء في المحافظة على ممتلكاتهم وتفادي تحملهم للخسائر التي قد تنجم عن غير إرادتهم ولا يمكن دفعها بطرق الحذر المعتادة. وهذا لا يتعارض مع وسائل الوقاية التي قد يتخذها البعض لتخفيف حجم الخسارة، كما أنه لا يتعارض مع التسليم بالقضاء والقدر، فالتوكل الحق على الله يُوجب الأخذ بالأسباب المادية وفعل المقدور عليه من العباد، وخير شاهد على ذلك ما ورد في الحديث الشريف "اعقلها وتوكل".
إن على شركات التأمين تفهّم مدى إيجابية سرعة تحركهم في تعويض العملاء وانعكاس ذلك إيجابا على التسويق للتأمين عموماً والدعاية لشركة التأمين التي تبادر إلى معالجة مطالبات العملاء متى قدموا المستندات المطلوبة لدفع التعويض. وهي خطوة متى أنجزها العميل استحق التعويض دون مماطلة أو تأخير غير مبرر. ومن المعروف أن شركات التأمين تعيد التأمين على كل محفظة تأمينية لدى إحدى الشركات العالمية وتجد المساندة المالية في تحمل الخسائر من معيد التأمين بخلاف العميل الذي يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه متى وجد مماطلة وتسويفاً، حيث لن يجديه اللجوء إلى الشكوى الرسمية إذا تتحول المطالبة إلى معاملة تدور في روتين طويل قد يخرج منه بتعويض مالي بعد تحمله تكاليف في الوقت والجهد والمال لتكون خسارته مضاعفة. وهي حالة لا تواجهها شركات التأمين مع معيدي التأمين، بل لا تقبلها لأنها تمس الثقة اللازمة للتعامل، وهي ثقة يجب أن تكون محل اعتبار بين شركات التأمين وعملائها.
إن شركات التأمين تعلن حجم خسائرها المالية أو إجمالي ما دفعته لعملائها المتضررين عندما تواجه طلبات تعويضات في ظروف غير عادية، ومنها حالات الكوارث الطبيعية، ولكن لم يكن لهذا نصيب في سوق التأمين المحلية عندما واجهت شركات التأمين سيلاً من الطلبات إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت على بعض مدن المملكة. وهذا يطرح سؤالاً عن حال التأمين مع الأمطار، وما نتج عن ذلك من خسائر. ولعل الأرقام خير شاهد ينطق بالصدق عن حجم الخسائر البشرية والمادية، وهي أرقام رسمية مصدرها الدفاع المدني بالدرجة الأولى وصلت إلى الرأي العام وكانت محل تصور لعمق الكارثة على المجتمع بأسره وأفراده.
والذي يهم هو إحصائيات شركات التأمين مع عملائها المتضررين؛ لأن التأمين اختياري فعلياً وغير إلزامي، خصوصاً على الممتلكات كالمتاجر، والمحال، والمنازل، ومستودعات التجار وغيرها، كما أن الأهم من ذلك مدى التزام شركات التأمين بدفع التعويضات المشمولة بالتغطية حسب وثائق التأمين. والواقع أن التزام شركات التأمين كان جيداً في الإجمال ومقارنة بالأوضاع السابقة قبل تنظيم السوق وتحويل شركات التأمين لتكون جميعها شركات مساهمة رغم أن هناك حالات فردية ظهرت فيها المماطلة والتسويف من قبل عدد قليل من الشركات وهي لا تسيء إلى الثقة والمصداقية في قطاع التأمين بشكل عام.