25-09-2012 – بانوراما التأمين
رام الله ـ قال رئيس الوزراء د. سلام فياض، أمس، "إننا نسعى جاهدين للخروج من الأزمة المالية، وتعود إلى شح في المساعدات الخارجية، وعدم ورود ما يكفي منها على مدار العامين الماضيين إلى موازنة السلطة الوطنية كما كان مؤملا، ونحن سنبذل كل جهد ممكن لحشد مزيد من الدعم، إلا أن السلطة عاقدة العزم على بذل كل جهد ممكن لتعظيم القدرات الذاتية، وصولا إلى الاستغناء عن هذه المساعدات".
وكان فياض، يتحدث خلال افتتاح مؤتمر "فلسطين الثاني للتأمين" في رام الله، الذي يستمر على مدار يومين، بمبادرة من الاتحاد الفلسطيني لشركات التأمين، وبالتعاون مع الاتحاد العام العربي للتأمين، وذلك تحت عنوان "لمستقبل أكثر أمانا".
وأوضح أن الأزمة المالية التي واجهتها –ولا تزال- السلطة، تبرز صوابية التوجه لبذل مزيد من الجهد للوصول إلى نقطة، يتم في إطارها التعامل مع الاحتياجات استنادا إلى الموارد الذاتية، لافتا إلى أنه ريثما يتم بلوغ هذه اللحظة، فلا بد من السعي للحصول على مزيد من المساعدات.
وكرر مطالبته للمجتمع الدولي عامة، والبلدان العربية خاصة، بتحويل المساعدات التي التزمت بها للسلطة، بما يمكنها من تجاوز الأزمة المالية.
وذكر أن هناك بوادر لتجاوز الأزمة المالية، بدأ يلمسها القطاع الخاص، مشيرا بالمقابل، إلى شروع الحكومة في تسديد ما عليها من مستحقات لهذا القطاع.
وبين أن تأخر الحكومة في تسديد مستحقاتها للقطاع الخاص، يمثل المظهر الأبرز على تأثر السلطة ماليا، مضيفا "نسعى للعمل على أكثر من مسار للخروج من هذا الوضع، عبر السعي للحصول على موارد مالية إضافية من القطاع المصرفي".
ولفت إلى أن الاقتراض من البنوك ليس بهدف الحصول على مزيد من القروض، بل نيل ما يمكن من تسهيلات مصرفية بما هو متاح، وضمن إطار محدد، من أجل دفع عجلة النشاط الاقتصادي.
وأردف: هناك ما يبعث على الثقة بأننا في طور الخروج من الأزمة، وقد بدأنا في إدارة العجلة، بما يبعث الثقة بالتزام السلطة بالوفاء بكل ما يترتب عليها من التزامات.
وأكد أنه رغم كل ما مرت به السلطة من أزمات مالية، فإنها تمكنت من النهوض وتجاوزها، لافتا بالمقابل إلى تأثير الممارسات الإسرائيلية السلبي على الوضع الاقتصادي.
ورأى أن استدامة النمو في الاقتصاد أمر متعذر، في ظل استمرار إجراءات الاحتلال، بما في ذلك نظام التحكم والسيطرة الذي يفرضه، وما يقترن بذلك من منع وإعاقة العمل في المناطق المصنفة "ج"، وغيرها.
وقال: إن سلامة الأداء وحسنه في مجال الإدارة الاقتصادية والمالية، يتأثر بدرجة كبيرة جدا، بما هو متاح لنا من آليات للتدخل.
كما لفت إلى افتقار فلسطين إلى عملة وطنية، موضحا أن محدودية أدوات التدخل يكبل السياسة الاقتصادية.
وبين أنه رغم محدودية أدوات التدخل، فإنه يقع على كاهل السياسة المالية التعامل مع كل ما هو متاح للسلطة، للتأثير في مجريات الأحداث.
وفيما يتعلق بقطاع التأمين، أكد فياض أهمية الجهد المبذول من هيئة سوق رأس المال وبرنامج عملها في قطاع التامين لضمان سلامة أداء هذا القطاع، وضرورة ذلك لتحقيق النمو المستدام فيه.
وقال "أتوقع أن يكون هناك تعاون تام مع خطة وبرنامج عمل هيئة سوق رأس المال لضمان سلامة الأداء لارتباط ذلك الوثيق بآفاق النمو في قطاع التأمين، فسلامة الاداء وحسن الادارة ، من جهة، والنمو أمران متلازمان لا يكفي أحداهما دون الأخر".
واعتبر رئيس الوزراء أن المعطيات القائمة تبشر باستمرار نمو قطاع التأمين خلال السنوات القادمة التي وصلت إلى معدلات متقدمة، حيث بلغت ما معدله حوالي 20% خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وشدد على أن هذا النمو لا يكون مستداماً إلاّ في ظل المزيد من الحرص على سلامة الأداء، وقال "من هنا يأتي حرصنا على التأكيد على الدور الهام الذي تقوم به هيئة سوق رأس المال في تنظيم هذا القطاع الهام والحيوي، والذي لسلامة الأداء فيه أثر بالغ وواضح ومباشر على أداء وسلامة الاقتصاد الوطني بشكل عام وخاصة في المجال المالي".
وأشار فياض أيضاً إلى الدور الهام الذي تقوم به هيئة سوق رأس المال في الإشراف على القطاع غير المصرفي إلى جانب الدور المهم لسلطة النقد في الإشراف والرقابة على القطاع المصرفي.
واعتبر أن "ما تحقق في فلسطين في القطاع المالي بشقيه المصرفي وغير الصرفي يؤكد درجة التقدم والنضج التي وصلت إليها عملية البناء المؤسسي في فلسطين على طريق الإعداد والتهيئة لقيام دولة فلسطين القادمة، على كامل أرضنا المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القلب منها القدس الشريف العاصمة الأبدية لدولة فلسطين".
وأكد رئيس الوزراء أهمية قيام الجهات التنفيذية والرقابية في السلطة الوطنية للإطلاع بدورها ومسؤولياتها للتأكد من سلامة الإجراءات، وتوفير البيئة المناسبة لاستدامة النمو في قطاع التأمين، خاصة في ظل غياب دور المؤسسة التشريعية، مشدداً في الوقت نفسه على أن مسؤولية حسن الإدارة تقع في المقام الأول على عاتق الشركات العالمة في هذا القطاع.
من جهته، أشاد أمين عام الاتحاد العام العربي للتأمين عبد الخالق رؤوف خليل، بقطاع التأمين الفلسطيني، الذي قال عنه بأنه يعمل في ظل ظروف مختلفة عن غيره في سائر الدول العربية، بحكم وجود الاحتلال.
وذكر في كلمة مسجلة، أنه مما يحسب لقطاع التأمين الفلسطيني عمله رغم كافة الصعوبات، والأزمة المالية القائمة في الأراضي الفلسطينية.
وقال: إن شركات التأمين ينصب عملها على التعامل مع الأخطار، وفيما هي تسعى للقيام بواجباتها تتعرض للعديد من المخاطر مثل مخاطر التسعير، والاكتتاب، وتسوية المطالبات.
ولفت إلى عناية شركات التأمين بتحسين أدائها في شتى المجالات، يعتبرا عنصرا رئيسيا لنجاحها في أداء دورها.
وقال رئيس مجلس إدارة هيئة "سوق رأس المال" ماهر المصري: يكتسب المؤتمر أهمية خاصة في نظري، لتضمنه مواضيع جوهرية تتعلق بإدارة المخاطر، وتوسيع الخدمات التأمينية وتسويقها في فلسطين، وهي بالذات الأمور التي تشكل الهم الأكبر في قطاع التأمين.
وأردف: رغم أن هذا القطاع حقق نموا في محفظته التأمينية خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن هيكلية المحفظة حتى اليوم لا تختلف عما كانت عليه في السابق، ما يعكس نفسه في ارتفاع درجة المخاطر بين الشركات.
وقال: تنظر الهيئة إلى المؤشرات المتعلقة بالملاءة المالية، وتركز المحفظة النامية في نوع محدد من التأمين والخدمات التأمينية، وارتفاع نسبة المطالبات، وطول مدة تسديدها، على أنها كلها أمور جوهرية، لا بد من معالجتها لتخفيض المخاطر على الشركات، والحفاظ على حقوق المؤمنين.
واستعرض جانبا من الإجراءات التي اتخذتها الهيئة في سبيل النهوض بقطاع التأمين، ومن ضمنها حمل شركات التأمين على الاستعانة بخبراء "اكتواريين" بغية إعداد دراسة خاصة بمجال عملهم لكل منها.
وذكر رئيس مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني لشركات التأمين محمد الريماوي، أن المؤتمر يكتسب أهمية استثنائية، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها الأراضي الفلسطينية.
وبين الريماوي أن عقد المؤتمر ليس هدفا بحد ذاته، بل وسيلة للتواصل مع قطاع التأمين العربي والدولي، بغية تبادل الخبرات، والاستفادة من التجارب العربية والدولية في هذا المجال.
وقال: يأتي انعقاد هذا المؤتمر، امتدادا للنجاح الذي حققه المؤتمر الأول في أريحا قبل عامين، وناقشنا خلاله علاقة قطاع التأمين بكافة الشركاء، حيث تم تنفيذ الكثير من التوصيات التي خرجت عنه، لكن رغم ذلك لا زال أمامنا عمل كبير بحاجة إلى تضافر جهود الجميع، خاصة وزارات العمل، والمواصلات، وغيرهما.
وأردف: يأتي انعقاد المؤتمر في ظل ظروف صعبة، يعيشها عالمنا العربي، ما يشكل تحديا بالنسبة إلى الجميع، ويضيف أعباء أكبر على قطاع التأمين، كونه حام لباقي القطاعات.
وبين أنه تم اختيار مواضيع المؤتمر بدقة وعناية، حيث سيتناولها ثلة من رواد التأمين على المستويين العربي والدولي.
ولفت إلى أهمية حل كافة القضايا والإشكاليات الضريبية لقطاع التأمين، استنادا إلى توجهات رئيس الوزراء ووعوده السابقة بهذا الصدد.
وعبر مدير مكتب المشاريع الخاصة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية جون كريفيلد، عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر، ودور الوكالة في رعايته ودعمه.
وأوضح أن الوكالة الأميركية تولي أهمية بالغة لقطاع التأمين، وبالتالي باشرت بدعمه منذ سنوات عبر برامج مختلفة.
كما لفت إلى عناية الوكالة بالقطاع المالي، خاصة قطاع التمويل الصغير، والبنوك، حيث قدمت منذ العام 1994 نحو 70 مليون دولار لصالح هذا القطاع، جزء منها خصص لقطاع البنوك.
اثر ذلك، جرى تقديم مداخلات تناولت مسألتي "إدارة المخاطر والدراسات الاكتوارية"، و"تسويق وتدريب التأمين"، فيما ينتظر أن يختتم المؤتمر اليوم، بإقامة جلستين ستركز الأولى على "تأمين الأخطاء المهنية"، فيما ستتمحور الثانية حول "إدارة المطالبات".