12-10-2015 – بانوراما التأمين
اعتبرت وكالة التصنيف العالمية (ستاندرد آند بورز) أن «التغيرات الأخيرة في قوانين قطاع التأمين في منطقة الخليج، قد توفر المزيد من الحماية للسلامة المالية لقطاع التأمينات على المدى الطويل، وتؤدي الى توفير حماية أفضل لحاملي بوالص التأمين، وتحسين الأوضاع الائتمانية، نتيجة الإدارة الأفضل لرأس المال، والضوابط التشغيلية الأمثل».
وتوقعت «ارتفاع كلفة الالتزام التنظيمي على المدى القريب، إذ ستحتاج شركات التأمين لإضافة المزيد من الخبرات، وتحسين أنظمتها من أجل الوفاء بالمطالب التنظيمية الجديدة»، لافتاً إلى أن «الشركات الأقل والأصغر رأسمالاً ستجد في اللوائح الجديدة، تحدياً من نوع خاص، ونعتقد أن الشركات الأكبر قادرة على التجاوب مع المطالبات الإضافية».
وبين أن هذه التغيرات التنظيمية كانت حديث قطاع التأمين في معظم دول مجلس التعاون الخليجي على مدار العام الماضي، حيث قدم مشرعو القوانين التأمينية لوائح جديدة تتراوح بين اللوائح المحددة والشاملة.
وسيحتاج واضعو القوانين في الخليج، الذين يمتلكون سجلاً مختلطاً في فرض القوانين، لتحسين أدائهم من أجل مواجهة المتطلبات الرقابية الإضافية والأكثر تطوراً. وتعمل دولة الإمارات وقطر على إدخال قوانين أكثر شمولية، بينما تركز كل من البحرين والكويت وعُمان حالياً على جوانب محددة، كرفع متطلبات رأس المال، وكذلك إجراء تحسينات في متطلبات وجودة الأصول وإعداد التقارير لدى كل من شركات التأمين التقليدية والإسلامية.
وكانت التغييرات التنظيمية حديث أسواق التأمين في معظم دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العام الماضي. وكان منظمو التأمين قد أدخلوا أو بدأوا بإدخال قوانين جديدة تتفاوت ما بين الخاصة والشاملة.
ويتبع منظمو التأمين في منطقة الخليج أفضل الممارسات الدولية من خلال التوجه نحو أنظمة رأسمال الملاءة المالية المراجعة بالمخاطر. والتغييرات الرئيسية التي طال انتظارها هي: متطلبات حساب الملاءة المالية والحد الأدنى لرأس المال، والمراجعة الإلزامية المستقلة للملاءة المالية والاحتياطات الفنية، والتركيز الأكبر على الإدارة الفعالة للمخاطر، وكذلك إدخال محفظات استثمارية أكثر تنظيماً مع رفع حدود التعرض للأصول للحد الأقصى.
وبموجب معيار الملاءة المالية2 في أوروبا، ستقوم شركات التأمين في دولة الإمارات بالانتقال إلى حساب متطلبات رأس المال التنظيمي عند 99.5% لمستوى الثقة بالقيمة المعرضة للخطر على مدى عام، بدلاً من مجرد حساب الحد الأدنى المطلق السابق لرأس المال. هذا التغيير هام وإيجابي بالنسبة لأسواق التأمين المحلية، كونه سيساعد شركات التأمين على تعزيز متطلباتها التنظيمية.
وقامت الهيئة العامة لسوق المال في عُمان في العام 2014 بإصدار قوانين تأمين جديدة تطالب كلاً من شركات التأمين على الحياة وغير الحياة (بما في ذلك عمليات الفروع) برفع الحد الأدنى لرأس المال لديها من 5 ملايين ريال عُماني الى 10 ملايين ريال عُماني (26 مليون دولار). نرى بأن هذا الإجراء بمثابة تطور ائتماني إيجابي، لكننا نقر بأنه قد لا يكون حساساً للمخاطر وبأنه سيؤدي أيضاً إلى رفع تكلفة رأس المال، وبخاصة لدى شركات التأمين صغيرة الحجم.
وتطالب معظم اللوائح بإجراء مراجعة للاحتياطات فنية (أقساط التأمين والمطالبات، التأمين على الحياة وغير الحياة) والمصادقة عليها من قبل خبير اكتواري معتمد. في السابق كانت المراجعة المستقلة مطلوبة للاحتياطات (الحسابية) المرتبطة بالتأمين على الحياة فقط، لكن المطالبة بإجرائها على الاحتياطات الخاصة بشركات التأمين على غير الحياة يعد تغيراً كبيراً بالنسبة لتلك الشركات. ومن المتوقع أن تؤدي المصادقة الاكتوارية على الاحتياطات الفنية إلى تعزيز قوة تحوط تسعيرة المخاطر الفنية والاكتتاب بشكل أكبر. قام المنظم في السعودية (مؤسسة النقد العربي السعودي) في العام 2013 بفرض تحفظ اكتواري أكثر تحوطاً، مما أدى إلى تعزيز الاحتياطي بشكل كبير في السوق، وإلى تكبد بعض شركات التأمين لخسائر كبيرة. ومن المرجح أن تؤدي متطلبات المراجعة الاكتوارية في دولة الإمارات في العام 2015 إلى تعزيز الاحتياطي بشكل أكبر.
إدارة المخاطر
ويستلزم إدخال متطلبات تنظيمية مرجحة بالمخاطر ذات صبغة رسمية أكبر أيضاً من شركات التأمين توثيق أطر واستراتيجيات إدارة المخاطر، بما في ذلك السياسات والإجراءات المتماشية مع رغبتها في المخاطرة. وترى وكالة ستاندرد آند بورز بأن أفضل وسيلة لإدارة توسع وتقلب أنواع المخاطر التي تتعرض لها شركات التأمين هي من خلال وظيفة إدارة المخاطر، ورفع تقرير بها إلى مجلس الإدارة والمدير التنفيذي. وبالتالي من المتوقع أن تساعد القوانين الجديدة في تعزيز إجراءات إدارة المخاطر في السوق المحلية. مع ذلك، ندرك بأن الوظيفة المتشعبة لإدارة المخاطر باستقلالية قد لا تكون مجدية تشغيلياً بالنسبة لشركات التأمين المحلية الصغيرة.
وأدخلت قوانين التأمين الجديدة أيضاً عدداً من المتطلبات التي تغطي المحفظة الاستثمارية لشركات التأمين. يتعين على الشركات وضع سياساتها الاستثمارية وسياسة إدارة المخاطر الخاصة بها لضمان تماشي جميع الاستثمارات مع رغابتها في المخاطرة يقوم بوضعها مجالس إدارتها وضمن حدود الأصول التنظيمية والجودة الائتمانية. شهدنا رغبة عالية في المخاطرة لدى العديد من شركات التأمين في المنطقة، ونرى أن إدخال هياكل محفظة استثمارية ذات طابع رسمي أكبر وحدود أعلى كخطوة في الاتجاه الصحيح. مع ذلك، لانزال نرى بأن الحدود العليا المقترحة للأصول المرجحة بالمخاطر، التي تشتمل على الأسهم والعقارات، لاتزال أعلى بكثير، لاسيما في كل من دولة الإمارات وقطر، مقارنة بالمعايير الدولية.
تفاوت الخصائص الائتمانية
رأت «ستاندرد آند بورز» أن التطورات إيجابية بالنسبة للخصائص الائتمانية في السوق، وبالنسبة لحماية حامل البوليصة. إلا أنه وبالرغم من تزايد التعاون الاقتصادي وتنسيق السياسة ما بين دول مجلس التعاون الخليجي، فإن قوانين التأمين والمراقبين لايزالون في مراحل متفاوتة من النضج في المنطقة. نرى مؤشراً ضعيفاً على التعاون الإقليمي، وبالتالي هناك نقص في توحيد المعايير وغياب للطموح في النهج المتبع في تنظيم قطاع التأمين.